ولد عبد العزيز يكتب: المجالس الجهوية .. قراءة في البعدين الديموقراطي والتنموي

20 يوليو, 2017 - 13:49

تعرف التنمية السياسية بأنها : "مجموعة من المتغيرات تستهدف الثقافة والبنية السياسية مؤدية الى نقل المجتمع من نظام تقليدي أو غير حديث الى نظام حديث أو غير تقليدي. وتهدف الى إحداث تحول في قدرة وقابلية الإنسان على الأخذ بزمام المبادرة."
اذا انطلقنا من هذا التعريف يمكننا تصور العلاقة العضوية ، والتأثير المتبادل بين التنمية والديموقراطية. الشيئ الذي تثبته جميع التجارب الناجحة في العصر الحديث.
فإذا كانت التنمية عملية إرادية مقصودة ومخطط لها، فإن الديموقراطية هي الآلية والإطار المؤسسي والتشريعي والتنظيمي الذي يوفر الإطار العام لانبثاق التنمية،وشمولها لكافة مناحي الحياة الإقتصادية والإجتماعية والسياسية.
إن هذه الجدلية المتأتية من شبه حتمية رياضية تفرض على صناع القرار السياسي الباحثين عن طرق تنمية بلادهم بتفجير المزيد من الطاقات، وتوفير المزيد من الفرص، وخلق المزيد المبادرات الفردية والجماعية ، تفرض عليهم بحثا متواصلا عن وسائل وامكانيات الدفع بعملية التنمية هذه، والتي ستكون فور تحققها مناسبة لترسيخ وتجذير الممارسات الديموقراطية .
مما تقدم تتبين أهمية إنشاء هيئات رقابية منتخبة ولامركزية، يكون لها دور واضح في إشراك المواطنين في تحديد وتوجيه ومراقبة وتنفيذ المشاريع والخدمات العامة التي تقررها الدولة المركزية. بالإضافة إلى تشخيص وتصنيف الأولويات انطلاقا من الواقع المحلي بعيدا عن الممارسات البيروقراطية والإملاءات الفوقية.
إن إخضاع السباسة العامة للدولة في المجالات التنموية للأولويات والحقائق والإعتبارات المحلية يؤدي بشكل منطقي الى المزيد من العقلانية في تسيير وتوجيه مواردها. الأمر الذي سيكون له أثر كببر في الترشيد و الإستفادة القصوى من الإمكانيات المتاحة.
هنا تتجلى الرؤية التنموية الثاقبة المتمثلة في مقترح انشاء مجالس جهوية منتخبة ،ضمن الإصلاحات الدستورية المعروضة الإستفتاء القادم ، تتولى الأدوار المذكورة أعلاه.
ويمكن تلخيص النقاط الإيجابية المتوخاة من المجالس الجهوية على المديين القصير والمتوسط فيما يلي.
- ترسيخ السلوكيات والممارسات الديموقراطية ، والمشاركة الفعالة للمواطنين في صنع القرار الخاص بهم.
- زرع روح المواطنة والشعور بالمسؤولية اتجاه المجموعة.
- تفعيل دور المجموعات المحلية كمكونات مشكلة للدولة المركزية.
- إمكانية الكشف عن جوانب الفساد أو الإنحراف التي قد تشوب سير أو تنفيذ المشاريع والسياسات العامة للدولة، والتي يمكن أن تفلت من أجهزة الرقابة الحكومية.
هذه باختصار شديد بعض الأوجه والمرجحات التي تتراءي من الرؤية الإستشرافية المتبصرة لمستقبل المسارين الديموقراطي والتنموي لبلادنا.
ولا يمكن لأي كان إنكار الحاجة الماسة لبلادنا في ظل ما تشهده من تطور وتنمية على كافة الأصعدة الى مواءمة الجوانب المؤسسية والتشريعية مع مقتضيات التنمية ومتطلبات استدامتها.
أخيرا لا يمكنني أن أختم هذه العجالة دون أن أنبه إلى أن تضخم المؤسسات الدستورية ،يشكل في جد ذاته عائقا في سبيل التنمية ومعوقا لنشر الثقافة الديموقراطية في العقل الجمعي للمواطن. فمراجعة الدساتير وتحسينها لتواكب تطور ونماء البلدان شرط أساسي لخلق تطور مضطرد ومتسارع يحافظ على التوازي في المسارين التنموي والديموقراطي.

نققلا عن صفحة: الناجي ولد عبد العزيز

 

 

 

 

 

 

اعلانات