عين على معركة العلمين

9 أكتوبر, 2017 - 08:29

بقلمه المتمرس؛ وفكره المستنير؛ و وطنيته الطافحة؛ وعمق تحليله للواقع و استشرافه للمستقبل النادر،طفق الوزير الكاتب والمفكر الكبير الدكتور : البكاي  ولد عبد المالك؛ يدق ناقوس الخطر الذي يتهدد البلاد، عندما بادر في الوقت المناسب في استحضار معركتي العلمين الأولى والثانية، مقدما الأولى كمجرد درس تاريخي لا يمكن تجاوزه او استغفاله؛ كلما تعلق الأمر بالسعي لتفادي التداعيات السلبية والمخاطر الجمة التي قد تترتب على أحداث الثانية.

ورغم أن الكاتب سدد ضربات مآخذه السياسية قوية وموجعة على امتداد جبهتي معركة العلمين الثانية (المعارضة و الموالاة ) إلا أنه لم يخف - إذا ما تأملنا  سطوره وما بينها بعناية وتركيز - إنحيازه التام للشرفاء في كلا الجبهتين لتقاطعه المبدئي مع هذه الطائفة من الفريقين في تغليب المصلحة الوطنية، و الوعي بأهمية التاهب لحمايتها قبل فوات الاوان ، يظهر ذلك جليا في موقفه من أزمة الشيوخ وما تلاها من أحداث كما يظهر في دعوته لتجاوز اهم العقبات التي تمر بها البلاد من خلال تنظيم حوارجاد وشامل بين مختلف الفرقاء السياسيين بما في ذلك بعض الاطراف الخارجية في اشارة واضحة وواقعية الى حد كبيز للمعارضة في الخارج، ذلك الخط النضالي الجاد الذي تحول-في نظرنا- بتخطيط من النظام وتنفيذ من المعارضة في الداخل إلى تابوه سياسي يأكل لحمه ويرمى بعظمه من طرف من كان يفترض أنهم رفاق الدرب وشركاء الحاضر والمستقبل في خدمة - أقل ماتوصف به الوقاحة و قلة الحياء السياسيين - لأجندة الخصم المشترك لضعف همة او ضيق أفق حتى لا نقول لحسد او سوء دخيلة، إلا أن الوزير رغم ذلك كله ظل ممسكا بالعصى من الوسط جاعلا الوطن ومصالحه العليا نصب عينيه، فيبدي مثلا عدم تفاؤله خيرا بالسقوط المفاجئ للنظام لما يترتب على هذا السيناريو في نظره من إعطاء فرصة لبعض الكيانات الإقليمية الخارجة على القانون للتنصل من الهدنة غير المعلنة  حسب وصفه  والإجهاز على البلد بالضربة التي لايخفي قلقه من ان تكون قاضية.

نعت البكاي للفرقاء السياسيين بالإخوة الأعداء، وتحذيرهم من مغبة التمادي في عملية شد الحبل العبثية وتحميله المسؤولية للنظام بالدرجة الأولى،- وهو الأكاديمي الكبير حديث العهد بالوزارة في نفس النظام - يعني أن الرجل- الذي لم يجد بدا في النهاية من الزج بمداده  وبهذا  المستوى من الجرأة والصرامة في معركة العلمين، -قد أستعد- قبل ان يقدم على ما أقدم عليه من مباشرة عملية النصح وإعادة توجيه بوصلة الفعل السياسي المنحرفة منذ بعض الوقت - ان يدفع الثمن باهظا من الجميع، وهو ما حصل بالفعل، لذلك جاءت رسائله قوية وصادمة لكل الأطراف، إلا تلك التي يعول عليها في تشكيل تيار ثالث يتجاوز الموالاة والمعارضة بالمعنى التقليدي إلى الطرح الوطني الجاد،استجابة لطبيعة اللحظة واستغلالا لما تبقى من فرص البقاء وسط كل هذه  التفاعلات الداخلية والخارجية المقلقة.  

بقي ان نشير إلى أنه رغم الأهمية العلمية و السياسية لمقال  العلمين، إلا أنه وكالعادة دائما بدل استقباله بما يستحقه من حفاوة وتثمين، قد تم تجاهله بشكل متعمد! فإذا ما استثنينا بعض الردود الخجولة لبعض كتاب الموالاة؛ فإننا نكاد نجزم بأنه ان كان ثمة ما يؤلف هذه الايام بين أقلام المعارضة و الموالاة  ومنابرهما الإعلامية؛ فهو الاتفاق على تجاهل المقال الحجة،  الأمر الذي لايكلفنا كبير عناء في تفسيره فالمقال بكل بساطة إنتصار للحق الذي خذلوه جميعا والموضوعية التي يخافون من تحكيمها على حاضر ومستقبل جيوبهم، لكن ذلك كله لن يمنعنا - كمواطنين بسطاء، وكانصاف مثقفين في هذا البلد المدار عموديا وافقيا بالظلم والعنصرية وغمط طليعة الطليعة من نخبتنا الوطنية حقوقها في كافة مجالات الإبداع، لأسباب استحي من ذكرها الآن- احتراما لمقام العلمين - من ان نتمسك بالمقال الاشبه بالوثيقة التاريخية الهامة  وبكاتبه الموفق كما أننا لن ندع الفرصة تمر دون تنبيه الجميع إلى ضرورة الافادة منه في منهجه التحليلي الرائع في عرض الاحداث بدقة والربط بينها باحكام للنهوض بالتوصيات الضرورية لتلافي وضع وطني بات قاب قوسين أو ادنى من الخروج عن السيطرة، كما ننتهزنفس الفرصة لدعوة العاملين على تشويه صناعة الكتابة في البلد- بوضعها- حيث لا ينبغي أن تكون- موضع المطبل للفساد، المتملق لرعاته،- إلى ضرورة أن يراجعوا أنفسهم ويبادروا بالاقلاع فورا عن ممارستهم الاثمة، ويلتحقوا بركب الذين آثروا الوطن على مغتصبيه و مصلحته العامة على مصالحهم الخاصة فالحق- مهما جانبناه- يظل الأولى بالاتباع و"أن تأتي متأخرا خير من أن لا تاتي".!!!

بقلم : عبدالرحمن أحمد الكنتي

 

 

 

 

 

 

اعلانات