قصة قاض انتصر الرسول عليه الصلاة والسلام .. واستقال من وظيفته

13 يوليو, 2019 - 17:48

قال له العلامة اباه بن عبد الله: ربح البيع كتب محمدن ولد احمدو يحيى استقالته على عجل من وظيفة القضاء في موريتانيا بعيد صدور حكم استئنافية نواذيبو لصالح المسيء للنبي صلى الله عليه وسلم يوم 09/11/2017، بعد كان مستشارا رئيسيا بمحكمة الاستئناف، معبرا في بيان استقالته أن دافع الاستقالة هو الانتصار للجناب النبوي الشريف.

ليس هذا غريبا على من درس العلوم المحظرية منذ نعومة أظافره في محظرة ابن عمه العالم العامل الورع الشيخ أحمدو ولد محمذن فال الحسني ، قبل أن ينتقل إلى العاصمة انواكشوط ويترشح لشهادة الباكلوريا الأدبية التي نالها عن جدارة واستحقاق و بعدها ألتحق بكلية القانون بجامعة انواكشوط مزاوجا بينها وبين المعهد العالي للدراسات و البحوث الإسلامية ليتخرج منها و بتفوق حيث حافظ على الترتيب الأول طوال سنواته الأربع في الكلية و المعهد كليهما .

وقد تم منحه إلى المملكة المغربية نتيجة تفوقه حيث حصل هناك على شهادة الماستر 2 بتفوق ,بعدها عاد إلى أرض الوطن وشارك في مسابقة اكتتاب آخر دفعة من القضاة التي تم تكوينها في المدرسة الوطنية للإدارة لمدة 3 سنوات مع تكوين عسكري شاق فرض على الدفعات الاخيرة، وعند التخرج كان من أوائل دفعته .

بعد ذلك زاوج بين العمل القضائي و البحث العلمي حيث عاد إلى المملكة المغربية من أجل التسجيل لنيل شهادة الدكتوراه.

عُرِفَ بين زملاءئه في مرفق القضاء و معارفه و المتخاصمين بين يديه بالورع و الأخلاق العالية و الجدارة المعرفية التامة و المواظبة على الحضور في الوقت، والعدل بين الخصوم ساءه الحكم الذي صدر عن استئنافية انواذيب في حق المجرم المسيء ول امخيطير قدم استقالة احتجاجا على ذلك الحكم المشؤوم منتصرا للجناب النبوي الشريف بعد ذلك نفض يده من الدنيا والوظائف التي ترتبط بالعار وأي عار فوق تبرئة سب المصطفى صلى الله عليه وسلم، فلم يطق القضاء بسبب ذلك الحكم فضاقت عليه الأرض ولكن قرر شد الرحال إلى العالم المحب (كما كان يدعوه المؤرخ هارون ولد الشيخ سيديا ) اباه بن عبد الله فألقى عصا التسيار عنده في النباغية، وفي جو من السكينة والطمأنينة وجد هناك مبتغاه حيث حلاوة العلم والإيمان، وهو الآن يدرس عمود النسب على الشيخ اباه حفظه الله، ومنظومة مراقي السعود على الشيخ بن اب بن حرمه عبد الجليل.

ذات مرة أثناء درس الشيخ اباه أتوا على ذكر صهيب بن سنان الرومي وقصة إسلامه، فكان اباه يسرد قصته وينظر إلى القاضي المستقيل أمامه ويقول له( ربح البيع ) وكانت قصة ملهمة حقا وعظيمة للتضحية والإثار من أجل دين الله .. رجل باع الدنيا واشترى الآخرة، فأنزل الله في وصفه قرآنا يتلى إلى يوم الدين.. وفي هجرته وتركه ماله لقريش تجلت أسمى معاني التضحية من صهيب، فحينما أراد صهيب الهجرة من مكة إلى المدينة تبعته قريش لتمنعه، فنزل عن راحلته ثم قال: يا معشر قريش لقد علمتم أني من أرماكم رجلاً، وأيم الله لا تصلون إليّ حتى أرمي بكل سهم معي في كنانتي ثم أضربكم بسيفي ما بقي في يدي منه شيء، فافعلوا ما شئتم، فإن شئتم دللتكم على مالي وخليتم سبيلي .

فقالوا «نعم»، ففعل. ووصل صهيب إلى المدينة وكان خبره مع قريش قد وصل إلى المدينة قبل وصوله، فقد جاء أمين الوحي جبريل عليه السلام وأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما فعل صهيب مع قريش وتخليه عن ثروته، ونزلت الآية الكريمة: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ).

ولما دخل صهيب رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم هشَّ له وبشَّ وقال: "رَبحَ البيعُ يا أبا يحيى... رَبحَ البيعُ"، وكررها ثلاثاً، فعلت الفرحة وجه صهيب وقال: والله ماسبقني إليك أحدٌ يارسول الله، وما أخبرك به إلا جبريل، وتلقاه الصحابة وهنأوه بما أنزل فيه وهم يقولون: "ربح البيع يا صهيب"، فقال لهم: وأنتم فلا أخسر الله تجارتكم.

كم كانت قصة عظيمة ولسماعها من الشيخ اباه طعم خاص، خاصة إذا كان الطالب أمام الشيخ في حلقة الدرس هو قاض ترك وظيفة وثيرة تتوق إليها الرجال من كل حدب وفج، انتصارا للرسول صلى الله عليه وسلم ثم اختار الله والدار الاخرة بدراسته للعلوم الشرعية. ..لقد ربح البيع حقا..

فليت علماء موريتانيا او بعض أئمتنا على الأصح لأن الأربعين في الحقيقة لا يوجد بينهم عند الاستقراء عالم بالمفهوم العلمي (الموسوعية والتخصص والتدريس المحظري المعمق ) ليتهم استلهموا من قصة هذا القاضي وعرفوا أن (( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ) لأنه عليه الصلاة والسلام، بذل لهم من النصح، والشفقة، والرأفة، ما كان به أرحم الخلق، وأرأفهم، فرسول اللّه، أعظم الخلق مِنّةً عليهم، من كل أحد، فإنه لم يصل إليهم مثقال ذرة من الخير، ولا اندفع عنهم مثقال ذرة من الشر، إلا على يديه وبسببه.

وعلموا أن من الواجب عليهم إذا تعارض مراد النفس او السلطان ، أو مراد أحد من الناس، مع مراد الرسول، أن يقدموا مراد الرسول عليه الصلاة والسلام، وأن يفدوه بأنفسهم وأموالهم وأولادهم، ويقدموا محبته على الخلق كلهم.

 

 

 

 

 

 

اعلانات