سنة 1979 : سنة حبلى بالمفاجآت

22 سبتمبر, 2019 - 07:41

(الحلقة الحادية عشر)

سنة 1979 : سنة حبلى بالمفاجآت

* لم تعرف جريدة "الشعب" عبر ال 37 سنة ،التي انقضت من عمرها، تعاقب ثلاثة مديرين للنشر في سنة واحدة إلا في سنة 1979 ، وذلك بسبب اضطراب الحكم السياسي للبلاد خلال تلك السنة التي شهدت  عدة تغييرات في اللجنة العسكرية الحاكمة من أبرزها:  إقصاء الرجل القوي في حركة العاشر يوليو الرائد جدو ولد السالك رحمه الله في يناير 1979 ، واستيلاء المقدم أحمد ولد بوسيف رحمه الله علي الحكم في إل 6 إبريل 1979 وسقوط طائرته في إل 27 مايو 1979، وصعود المقدم محمد خونا ولد هيداله علي اثر ذلك وزيرا أول ثم رئيسا للجنة العسكرية.

* تعيينات في الشركة الموريتانية للصحافة والطباعة *

في يناير 1979 تم تعيين السيد/ محمد فاضل ولد الداه مديرا للشركة الموريتانية للصحافة والطباعة  التي تصدر جريدة "الشعب" وذلك خلفا للسيد/ محمد ولد بابته  الذي استمر مديرا  لهذه المؤسسة من فبراير 1977 والي يناير 1979 .

ولم يمكث السيد/ فاضل ولد الداه طويلا ففي مايو 1979 تم تعيين السيد/ محمد محمود بن الطلبه مديرا جديدا لهذه المؤسسة . كما شملت التغييرات  علي مستوى الأشخاص ، خلال هذه السنة، مغادرة السيد/ الخليل النحوي لجريدة "الشعب" حيث كان أول رئيس تحرير وبقي فيها أربع سنوات كاملة وعندما عين مديرا للتحرير في فبراير 1977 احتفظ برئاسة  التحرير لقناعته بأن رئاسة التحرير هي أهم منصب في الصحف .وهكذا عين خلفا له ، في إبريل 1979 ، السيد/ محمد الأمين ولد يحي مديرا للتحرير والسيد/ محمد بن الشيخ عبد الله رئيسا للتحرير .

* تكاثرت الظباء على خداش *

الطريقة التي اخترت لكتابة هذه الذكريات ـ التي أعكف حاليا علي كتابة حلقاتها - هي أنني أعود إلي مجلدات السنة التي أهم بالكتابة عنها وأتصفح الأعداد الصادرة من جريدة " الشعب " في تلك الفترة وأسجل ما يعينني علي تذكر أحداثها، مركزا  علي الأحداث الكبرى ثم الأمور التي كتبت عنها أو اطلعت علي تفاصيل عنها بحكم عملي .

وبصدد الكتابة عن سنة 1979 تذكرت أن هذه السنة حبلي بالمفاجآت.. وحدثت فيها أمور تستحق الوقوف عندها؛ وتساءلت قبل أن أكمل مراجعتي للمجلدات هل أكتب عن الخلاف الذي بدأ يدب بين رواد حركة العاشر يوليو وانعكاسات ذلك علي جريدة "الشعب" ؟ وهل فعلا بدأت "الثورة تأكل أبناءها" بعد ستة أشهر من اندلاعها ؟ وكيف أقصي الرائد جدو ولد السالك في يناير من هذه السنة ثم توفي في حادث سير قرب شغار" في مستهل دجمبر 1979 ودفن بنواكشوط ؟ ثم كيف حسم المقدم أحمد ولد بوسيف أمره في ال 6 إبريل واستحدث منصب وزير أول يمسك بزمام  الحكم مع بقاء رئيس شرفي للجنة العسكرية .. وما هي أبرز ملامح سياسة هذا القائد التي ظهرت  في الفترة  القصيرة التي قضاها في الحكم قبل أن يوافيه الأجل المحتوم في حادث سقوط طائرته في مياه المحيط الأطلسي قرب العاصمة السنغالية دكار؟

أم اكتب عن صعود المقدم محمد خونا ولد هيداله خلفا للمرحوم احمد بوسيف  وتوقيع اتفاقية سلام مع البوليزاريو  في اغشت 1979  والحملات الإعلامية من خلال صفحات "الشعب" للمطالبة بانسحاب القوات المغربية المرابطة في الشمال الموريتاني؟ وماهي انعكاسات وفاة الرئيس الجزائري الأسبق  هواري بومدين (دجمبر 1978 ) علي قضية الصحراء خلال سنة 1979 ؟ أم أكتب عن الاضطرابات التي شهدها التعليم في تلك السنة الدراسية ومشكلة الضوارب وأزمة المجلس الإستشاري الذي تشكل من (98)عضوا وفشل في عقد جلسته الأولي يوم 30 مارس 1979 ؟.

أم أكتب عما يعرف "بقرارات أكتوبر" التي أقرت بموجبها  اللجنة العسكرية اصلاحا للتعليم مثيرا للجدل وأقرت فيها كتابة اللغات الوطنية بالحرف اللاتيني ؟

أم أكتب عن أحاديثي الصحفية،خلال السنة الأولي من الحكم العسكري،  مع أربعة من قادة حركة العاشر يوليو وهم حسب الترتيب الزمني لمقابلاتي  معهم : الرائد جدو ولد السالك وزير الداخلية، المقدم أحمد سالم ولد سيدي وزير التجهيز، الرائد مولاي ولد بوخريص وزير العدل، المقدم معاوية ولد سيدي أحمد الطايع قائد أركان القوات المسلحة الوطنية ؟

أم اكتب عن وفاة الزعيم الوطني احمدو ولد حرم ولد ببانا في يوليو  1979 وكيف امتنعت الإذاعة الوطنية عن نشر خبر وفاته ؟

أم اكتب عن سير حياة الشخصيات التي فقدها وطننا خلال سنة 1979 : احمدو ولد حرم ، احمد ولد بوسيف والمجموعة المرافقة له والتي اذكر منها الصحفي المتميز حينها المرحوم محمد الأمين ولد دندو ، جدو ولد السالك ، همام أفال الذي نعته جريدة "الشعب" في عددها الصادر يوم 20 نوفمبر 1979 .. وغيرهم ؟

أم أكتب عن السجال الأدبي الذي عرفته جريدة "الشعب" بشأن بدايات الأدب العربي في موريتانيا ؟

وكأني أمام كل هذه المواضيع في وضع الصياد القائل:

تكاثرت الظباء علي خداش **فما يدري خداش أيها يصيب ؟!

 

* الحلقة المفقودة في الأدب الموريتاني *

سأستعرض هذه المرة، ولو باختصار، النقاش الذي شهد ته صفحات"الشعب" في الفصل الأول من سنة 1979 حول بدايات الأدب العربي في موريتانيا..

أثارت هذا النقاش مقالات كتبها الأستاذ الرشيد بن صالح في "الشعب" تناولت أولاها عوامل الركود الثقافي في البلاد، لكن المقال الذي أثار ردودا كثيرة هو مقاله :"الأدب العربي في موريتانيا - الحلقة المفقودة " وهو مقال نشر علي أربع حلقات ( راجع النموذج ) ، لكن الردود عليه بدأت منذ حلقته الأولي،فقد رد  عليه المرحوم أيدوم ولد محمد يحي تحت عنوان: "أصداء حلقة فقدت ـ فأثرت" ( راجع النموذج )  وتدخل في هذا النقاش بين الرشيد وأيدوم عدة كتاب منهم المرحوم محمدي بن القاضي والأستاذ أحمد الولي والأستاذ محمدي بن أحمد بن الطلبه وغيرهم ..

ولا أتذكر اليوم لماذا تم إيقاف هذا النقاش الذي استمر عدة أسابيع،وتناول  قضايا أدبية تحتاج إلي مزيد من البحث وقدم آراء تستحق  النقاش .

وحبذا لو وجد من يثير هذه المواضيع من جديد مستلهما من هذه المقالات ومستفيدا من البحوث القيمة التي ظهرت في الساحة خلال العقود الثلاثة الماضية..  

وما أكثر الأحداث التي تستحق العودة إليها من الذين عايشوها وكانوا فاعلين فيها، خدمة لتاريخ البلد وحفظ ذاكرته الوطنية ؛ فهل من مشارك  لمصلحة الوطن ؟

محمد الحافظ بن محم

 

الأدب العربي في موريتانيا ( الحلقة المفقودة )

 

""... إن الأدب   الموريتاني له خصائصه المتميزة، وان قاربت الأدب الجاهلي فلتأثير البيئة وان طابقت بعض شعراء صدر الإسلام فلتشابه البيئة وتطابق الأهداف والمرامي.

أفيحق لنا بعد هذا كله أن نقول إن الأدب الموريتاني ربما كان يشكل رافدا من روافد النهضة الأدبية لأدبنا العربي كله وان كتاب "الوسيط في تراجم أدباء شنقيط "  ربما كان له تأثيره على الأدب في مصر بالذات وهي البلد الذي نشر فيه هذا الكتاب لأول مرة ، إذ لا استطيع أن أفند أو اصدق الرأي الذي جاء به احد أدبائنا والقائل بان الوسيط لابد أن يكون قد اثر في شعراء النهضة كالبارودي وشوقي وغيرهما لان الرأي يحتاج إلى كثير من الروية واتباع المقارنة والمقابلة لتكون الأدلة أكثر واقعية وأكثر قربا من الحقيقة ولكنني مع ذلك لا استطيع تفنيد هذا الرأي لان الكتاب كان قد نشر في فترة العودة إلى إحياء التراث الأدبي القديم  ومحاكاته في الأسلوب والمعنى و لربما كان لهذا الكتاب أثره ..

فالرأي إذا رأي جريء ندعو أدباءنا لتتبعه وإبراز حقيقته ويومذاك نستطيع أن نطمئن على رأي جازم فيه نستطيع من خلاله أن نرغم مؤرخي الأدب العربي أن يعيدوا النظر في كتابة تاريخ الأدب العربي ليفسحوا المجال للأدب الموريتاني كي يحتل مكانته فيه ويتبوأ المنزلة التي يستحقها ...""

(مقتطف من مقال الأستاذ الرشيد بن صالح حول الأدب الموريتاني الحلقة المفقودة المنشور في عدد جريدة "الشعب" الصادر في 14 فبراير 1979  )

 

 

أصداء حلقة فقدت – فأثرت

 

"" .. وعن طريق الاستطراد وقانون التداعي يتعرض الزميل لأول بيتين قيلا من الشعر الموريتاني ويعتبر أن الباحثين نسبوهما لابن رازكه ، فلعل الحكاية لم تكن واضحة في ذهن استاذنا ؛ فابن رازكه لم يكن تاريخه غامضا ولم ينسب له بيتان بل نسب له ديوان ضخم مع انه من المعروف انه كان أهم شاعر في الطور الأول من الشعر الموريتاني الذي وصل إلينا .

ومن هنا يبرز التداعي فتكون حكاية البيتين اعتراها بعض التشويش في ذهن الزميل من أنهما أقدم بيتين قيلا من الشعر الموريتاني مع عدم وجود مبرر لصحة أوليتهما . والمعروف أن الإمام ناصر الدين أقام الحد على قائلهما اليعقوبى بحجة أنهما بيتان من الغزل وهما :

رب حوراء من بنى سعد الأوس ** حبها عالق بذات النفوس

جعلت بيننا وبين الغواني ** والكرى والجفون حرب البسوس

 

( مقتطف من مقال المرحوم ايدوم بن محمد يحي حول أصداء حلقة فقدت فأثرت المنشور في جريدة "الشعب" الصادرة يوم 20 فبراير 1979 )

 

 

 

 

 

 

اعلانات