"كورونا" فيروس جائحة القرن الواحد والعشرين المميتة

30 مارس, 2020 - 12:10

 من المعروف بأن الفيروس هو كائن لاخلوي يتطفل إجباريا على خلية عائلة تحضنه وتسمح له بالتكاثر. وهو جرثومة لا تمكن رؤيته بالمجهر الضوئي ولا تمكن زراعته على الأوساط الغذائية المعروفة. و من المعروف أيضا بأن الأمراض الفيروسية التي تصيب الجهاز التنفسي بجزئيه العلوي والسفلي تحدث في الفصل البارد والرطب وتنتقل بنسبة عدوى مرتفعة وتضم عائلات مختلفة منها على سبيل المثال لا الحصر: الأرتوميكسوفيريدي, الباراميكسوفيريدي و الكورونافيريدي. وهي فيروسات مادتها الوراثية من النوع الريبوزي ARN ولها غلاف خارجي يغطي غلافها البروتيني. وتتميز الكورونافيريدي بأن حمضها النووي تمكن ترجمته مباشرة عن طريق الخلية إلى البروتينات الفيروسية. يعتمد تشخيص الإصابة على طرق مباشرة منها البحث عن مكونات الفيروس الخارجية بتقنيات مناعية و البحث عن المادة الوراثية بتقنية التكثير الإنزيمي PCR والتي يمكنها الكشف عن فيروسات متعددة في آن واحد وعلى عينة واحدة. تقود الإصابة بهذه الفيروسات إلى حث الجهاز المناعي لتكوين أجسام مضادة موجهة ضد مكونات الغشاء الخارجي للفيروس تؤدي لوقف تكاثره وبالتالي التخلص منه. وتمتاز هذه الفيروسات بقدرتها على التنوع الجيني وهو ما يمكنها من تجاوز قدرة الجهاز المناعي المستنفر سابقا. ولئن كان العالم قد عرف في 2009 جائحة الإنفلوانزا H1N1pdm09 والتي تسبب فيها فيروس ناتج من ائتلاف وراثي لأربع سلالات بشرية, طيرية وسلالتين لدى الخنزير فإن جائحة الكورونافيروس التي تجتاح العالم حاليا هي الأخطر والأولى من هذا النوع الفيروسي الغامض السريع الإنتشار والمقاوم لعوامل الوسط . ولقد أظهرت هذه الجائحة سرعة في الإنتشار غير مسبوقة حيث وصل 192 دولة. كما لهذه الجائحة خطورة عالية جدا ومعدلات وفيات كبيرة حيث سجلت لحد الآن أكثر من 30 ألف حالة وفاة لم تستطع الدول المتقدمة بأنظمتها الصحية المجهزة والمستنفرة التصدي لها. لذا تعتبر الإجراءات الوقائية الوسيلة الأفضل والمتاحة للجميع لوقف انتشار الفيروس خاصة في غياب وجود لقاح يتطلب الحصول عليه بعض الوقت لكن بدأ التسابق نحوه بين دول عظمى منها ألمانيا و أمريكا والصين وروسيا. ومن بين الإجراءات الوقائية التي نصحت بها منظمة الصحة العالمية واتبعتها كافة البلدان الحرص على نظافة الأيدي, تباعد الأفراد, والحجر الصحي للوافدين من المناطق الموبوءة والحجر الذاتي. وإنني أنتهز هذه الفرصة لأطالب كافة المواطنين بامتثالها والحرص على تنفيذ كل ما يصدر من وزارة الصحة من تعليمات بهذا الخصوص لأن هذا الوباء سريع الإنتشار وخطير جدا وغامض إلا في عدد الوفيات المتصاعد من يوم لآخر على المستوى العالمي وخاصة في الدول الأوربية مثل ايطاليا واسبانيا.

 ا.د. محمد فال محمد المامي أستاذ علم الوراثة و علم الجراثيم بكلية العلوم والتقنيات رئيس وحدة بحث الوبائية الجزيئية والتنوع الجرثومي جامعة انواكشوط العصرية.

باحث سابقا بمختبر الفيروسات السريرية بمعهد باستور بتونس.

 

 

 

 

 

 

اعلانات