لم تشهد بلاد الانقلابات انقلابا منذ الانتخابات التي أتت بالرئيس محمد الشيخ الغزواني والتي لم تطعن الأحزاب فيها أو في شرعية انتخاب البرلمان الذي لم يسحب هو الأخر الثقتة من حكومة الوزير الأول محمد ولد بلال ،كما أن فترته لم تنقض بعد ولم يعلن حله كذلك.يصاف الى هذا أنه لا توجد انتخابات معجلة أو مؤجلة ،ولم تشهد البلاد مظاهرات تقودها الأحزاب المعارضة احتجاجا على تردي ظروف المواطن المعاشية وان حاول البعض ركوب موجات أتت بالصدفة ..و رغم كل ذلك وجدت تلك الأحزاب موافقة على هبة حوار مع الحكومة.
لكن ما هو مبرره ؟
ينبغي أن يكون مبرر هذا الحوار سياسي لا ثقافي أو اجتماعي أو اقتصادي .
هناك ظروف معيشية خانقة لا دخل للمعارضة في صناعتها وتتعلق بتفاقم الأزمة المعيشية التي فجرت الاستقرار الأمني في مدينة اركيز الهادئة ،والتي ليست بقية المدن منها ببعيد اذا تواصل تفاقم تلك الظروف على منحى خطي كما نشاهده اليوم.
وهناك أيضا أزمة ثقافية لغوية تم تحويلها الى أزمة سياسية تستغلها جهات معروفة تنسق أحيانا وتتناحر أحيان أخرى ،ويتعلق الأمر بموقف البعض من اللغة العربية وموقف البعض الأخر من اللغة الفرنسية ودخول اللغات الوطنية على الخط في ظل انحطاط مستوى التعليم وتقاعد أغلب كفاءاته وعجز الدولة عن استيراد قدرات تعليمية من الخارج.
وهناك أزنة ثقافية اجتماعية أخرى من صنع السياسيين من جهة ومن صنع الثقافة السائدة من جهة أخرى والتي عمل بعض السياسيين على استغلالها كوسيلة لتقوية الحواجز البدائية بين مكومات المجتمع ،ليحافظ كل على تلون قطيعه ودوام تميز فريقه القائم على علاقات الدم لا على علاقلاقات عامة ومجردة كما تقوم عليها الأحزاب وقوانين الدولة .
أعني بذلك حواجز العادات الجاهلية التي تعيق الزواج بين مختلف مكونات الشعب الموريتاني المسلم الحر الذي لا فضل لأبيضه على أسوده ولا لأسوده على أبيضه الا بالتقوى.
وقد ظهرت في الأونة الأخيرة أصوات سياسية تنادي بتجاوز تلك العقبات التي تعيق -بغير وجه حق- ربط مكونات المجتمع بعضها ببعض ورص صفوفه في وجه المخاطر المحدقة .
من هنا يتضح أن السياسيين هم من أختلق أزمات اللغة والأزمات العرقية مثل أزمة الخيلاء والفخر التي جمعوا عليها جموعا من (لوبولار) و(الصوننكي) و (الوولف) وبعض قبائل (البيظانية) ،وهي جموع متففة على وحدة الدين والوطن لكن تخالفها المصالح الشخصية.
صار لكل اتجاه من تلك الاتجاهات سيد وزعيم يشحن أتباعه بالحقد وبكل أمراض القلوب لعله يتمكن من المتاجرة بمصالح ضعفائهم لحسابه الخاص ،ما يفقد الاطار العرقي دوره كمؤسسة ضمان اجتماعي بحت.
من هنا يكون على الدولة واجب التحاور مع هؤلاء ليس لأجل المحاصصة وانما لأجل التوقف عن تأزيم الأزمات الثقافية والاجتماعية لعل تلك تجد حلا في مستقبل الأيام.
المحامي محمد سدينا ولد الشيخ