تعودنا خلال السنوات الماضية من بعض زملائنا نواب المعارضة، تقديم مشاريع تعديلات استعراضية على مشروع الميزانية، تستهدف إحراج الحكومة وزملائهم من الأغلبية.
ويحرص الزملاء المحترمون على تقديم اقتراحات في قطاعات تحظي بالأهمية عند المواطن والرأي العام، مثل التعليم أساسا والعناية بالمساجد والصحة، وغيرها من المجالات التي تمس اهتمامات المواطن بصورة مباشرة.
ومن العجيب أن النواب المحترمين اقترحوا أكثر من اربعين تعديلا من غير مراعاة لإمكانيات الميزانية ومواردها وتوازنها، وكان الإملاء المباشر لهم على ذلك هو هواية ركوب الموجات.
لسنا أوصياء على النواب في منحهم أو منعهم الحق في اقتراح التعديلات، فهم قادمون مثلنا بقوة أصوات الشعب، وهم مسؤولون مثلنا أمام ناخبيهم فقط.
ولكن يجدر التنبيه إلى أن الحكومة، ممثلة بوزارة المالية، تقضي قرابة سحابة السنة في تحضير تفاصيل الميزانية وأنها تناقش مع كل وزارة على حدة ميزانيتها محوا وإثباتا وإضافة ونقصا، وأن الميزانية تأتي للبرلمان، وهي أشبه ما تكون بالمبنى المكتمل الذي إذا نزعت منه لبنة أصبح فاقدا للتوازن، وهو ما يهدده بالانهدام.
وليس من الإنصاف أن يعمد الإنسان الراشد إلى تسويق فكرة أمضى في صياغتها ربع ساعة بديلا عن أخرى استغرق اقتراحها قرابة السنة من الأخذ والرد.
سيقولون: نواب الأغلبية يحتقرون المعلمين ولا يعطون لأهل الصحة مكانتهم المستحقة.
ونقول: أنتم تبحثون عن الإثارة، وما تتفضلون به يتمثل في جعجعات يراد منها استدرار عبارات مثل أحسنت، ولله درك.
لا يمكن المزايدة على الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في الاهتمام بالتعليم، حيث تعهد في برنامجه الانتخابي( تعهداتي) بأن تصل النسبة الموجهة للتعليم تدريجيا من الميزانية إلى عشرين في المائة، وها قد وصلت فعلا إلى 13%.
وحرص الرئيس في خطابه بمناسبة الذكرى الستين للاستقلال على إصدار قرارات غير مسبوقة بزيادات في العلاوات والرواتب للمدرسين، لن تكون الأخيرة، وستتلوها أخرى في أوقات لاحقة تبعا لتوفر الموارد.
كما لا يمكن المزايدة على النواب في الحرص على رفع شأن المدرس ومكانته، فعدد كبير منهم قادمون من أمام السبورات، والباقون يفهمون بالتأكيد دور المدرسين ومحورية تأثيرهم اليوم وغدا.
وبالتالي فإن مثل هذه التعديلات عزف شعبوي لا يليق بالغرفة.
سينال المعلمون والأساتذة تدريجيا كامل ما يستحقون، وسوف يوضعون في ظروف لائقة حسبما تعهد به الرئيس، وحسبما تعمل عليه الوزارة، وهو أمر سيأتي قريبا، لأن الدولة تهيئ له وتعمل من أجله، وهي أدرى الناس بظروف المدرس وواقعه ومسؤولية المهمة عن الأجيال.
وقبل أيام أعلنت الحكومة عن مسابقة هي الأكبر في التاريخ الوطني لاكتتاب آلاف من المدرسين، نسبة كبيرة منهم من المدرسين المؤقتين (مقدمي الخدمات)، وهو ما يلامس طلبا تقدمنا به في العام الماضي تحت قبة البرلمان.
ختاما، زملائي الكرام، وقت التعديل والاقتراح في الميزانية يبدأ من بداية السنة، ويمر عبر القطاعات المعنية، وليس فكرة تعرض للنائب في قاعة البرلمان.
فكفى استعراضية وشعبوية زملائي الكرام.