قال الرئيس الصحراوي إبراهيم غالي في مقابلة مع الأخبار، إن ما وصفه بـ "الاستفزاز المغربي" لا يزال قائما في منطقة الكركرات، مؤكدا أن وضعية الجيشين الصحراوي والمغربي "لا تزال على ما هي عليه، لا تزيد المسافة الفاصلة بينهما عن 120 متراً".
وأضاف غالي متحدثا للأخبار، أن حكومته لا تزال تنتظر "قيام الأمم المتحدة بواجبها في وقف الانتهاك المغربي السافر لاتفاق وقف إطلاق النار، وعودة الوضعية على الأرض إلى ما كانت عليه قبل يوم 11 أغسطس 2016".
وعن زيارته لشاطئ المحيط الأطلسي قبالة الكركرات قبل أسابيع، أوضح الرئيس الصحراوي، أنها تأتي ضمن جولة رئاسية مقررة إلى كل النواحي التابعة لحكومته، مشيرا إلى أنه تقرر القيام بزيارة إلى الوحدات المرابطة في الكركرات "جراء الخرق المغربي السافر لاتفاق وقف إطلاق النار".
وعن ما إذا كان للزيارة رسالة معينة أكد غالي متحدثا للأخبار، أنه إذا كان لا بد من رسالة فهي أن "على الأمم المتحدة أن تتحمل مسؤولياتها في التنفيذ العاجل لمقتضيات خطة التسوية الأممية الإفريقية لسنة 1991".
وهذا نص المقابلة:
الأخبار: ما هو شعورك بعد أن جمعتك قاعة الاتحاد الإفريقي بالمملكة المغربية لأول مرة؟
الرئيس الصحراوي: شعور عادي جداً. هذه ليست أول مرة نلتقي فيها في مكان واحد مع ممثلين عن المملكة المغربية. نحن طرفا نزاع لتصفية الاستعمار، وقد جمعتنا مفاوضات ولقاءات سابقة على مستويات مختلفة، بما فيها مع ملك المغرب الراحل الحسن الثاني ومع الملك الحالي، حين كان ولياً للعهد.
الأخبار: ما هي استراتيجية عملكم الإفريقي بعد قبول انضمام المغرب؟
الرئيس الصحراوي: هدفنا الرئيسي هو تطبيق مقتضيات الشرعية الدولية بخصوص النزاع في الصحراء الغربية، انطلاقاً من ميثاق وقرارات الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، وهو ما لا يمكن أن يتم إلا بتمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه، غير القابل للتصرف، في تقرير المصير واستكمال سيادة الدولة الصحراوية على كامل ترابها الوطني. وهذا أمر ثابت وغير قابل للتغيير، سواء أكان المغرب خارج الاتحاد الإفريقي أو داخله.
وانضمام المملكة المغربية إلى المنظمة القارية جرى بإجماع الأعضاء وبدون تصويت، انطلاقاً من مصادقتها، أي المملكة، بدون قيد أو شرط أو تحفظ، على القانون التأسيسي للاتحاد.
ومن هنا، فإن مسؤولية الدولتين، الجمهورية الصحراوية والمملكة المغربية وكل بلدان الاتحاد الإفريقي هي السهر على التطبيق الحرفي والصارم لهذه المبادئ والأهداف.
أما العمل الدبلوماسي على مستوى الساحة الإفريقية فسيبقى مركزاً على تعزيز العلاقات الثنائية مع بلدان الاتحاد وخدمة أهداف إفريقيا ومصالحها ووحدتها وازدهارها، وخاصة في أفق تجسيد أجندة 2063.
الأخبار: ألا تعتبرون أن انضمام المغرب شكل ضربة لعملكم الدبلوماسي؟
الرئيس الصحراوي: المملكة المغربية هي التي غادرت منظمة الوحدة الإفريقية احتجاجاً على انضمام الجمهورية الصحراوية. والمملكة المغربية هي التي قررت الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي مع الجمهورية الصحراوية، العضو المؤسس في الاتحاد.
فبعد فترة تمرد على ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية، وبعد وفترة رفض وامتناع عن الامتثال لمبادئ وأهداف القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، تشكل عودة المغرب إلى الصواب انتصاراً للحق والقانون والشرعية، وكل انتصار من ذلك القبيل هو انتصار للشعب الصحراوي.
الأخبار: كنت أول رئيس بعد اتفاق وقف إطلاق النار يقف على ضفاف المحيط الأطلسي. ماذا كنت تسعى لإيصاله للعالم بتلك الزيارة؟
الرئيس الصحراوي: كقائد أعلى للقوات المسلحة الصحراوية، كانت هناك جولة رئاسية مقررة على كل نواحي جيش التحرير الشعب الصحراوي. وفي ظل الأزمة الناشئة في منطقة الكركارات، جراء الخرق المغربي السافر لاتفاق وقف إطلاق النار، وخاصة الاتفاقية العسكرية رقم 1، تقرر أن نقوم بزيارة إلى الوحدات المرابطة في تلك المنطقة.
لم يكن القصد توجيه رسالة معينة بقدر ما كان المعاينة والتواصل مع مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي أينما تواجدوا، وخاصة في الخطوط الأمامية.
وعلى كل حال، إذا كان لا بد من رسالة، فهي أن على الأمم المتحدة أن تتحمل مسؤولياتها في التنفيذ العاجل لمقتضيات خطة التسوية الأممية الإفريقية لسنة 1991، الرامية إلى تنظيم استفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي وأن عليها، في انتظار ذلك، القيام بواجبها في إلزام المملكة المغربية باحترام مقتضيات اتفاق وقف إطلاق النار.
الأخبار: لوحتم بالعمل العسكري. هل ترى أن ما تصفه بـ "التعنت" المغربي وصمت القوى الكبرى يجعلكم الآن أقرب إلى العمل العسكري من أي وقت مضى؟
الرئيس الصحراوي: هناك فعلاً تعنت مغربي ورفض لتطبيق قرارات الشرعية الدولية، وصل إلى حد منع المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة من زيارة منطقة عمله، الصحراء الغربية، والتهجم على شخص الأمين العام للأمم المتحدة ورفض تمكين المينورسو من آلية لحماية حقوق الإنسان ومراقبتها والتقرير عنها، بل وطرد مكونها المدني والسياسي من الصحراء الغربية، مع استمرار عمليات النهب المغربي للثروات الطبيعية في الأجزاء المحتلة من الجمهورية الصحراوية.
وهناك فعلاً تواطؤ مفضوح من طرف عضو دائم في مجلس الأمن الدولي، هو فرنسا، التي توفر الحماية لهذا الموقف المغربي المتعنت. يجب التذكير هنا بنقاط رئيسية:
ـ الأولى هي أن قضية الصحراء الغربية قضية تصفية استعمار، يتم حلها بتمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير والاستقلال.
ـ والثانية هي أن الأمم المتحدة نفسها شرعت للشعب الصحراوي الدفاع عن حقوقه بكل السبل المشروعة، بما فيها الكفاح المسلح.
ـ والثالثة هي أن الحرب التحريرية التي يخوضها الشعب الصحراوي لم تتوقف، وإنما تم التوقيع على وقف لإطلاق النار. والخيار العسكري يبقى قائماً، ولكننا لا نتمناه ولن نلجأ إليه إلا إذا فرض علينا، كما حدث سنة 1975، إبان الاجتياح العسكري المغربي لبلادنا.
ـ والرابعة هي أن على الأمم المتحدة بشكل عام، ومجلس الأمن بشكل خاص، وفرنسا بشكل أخص، تحمل المسؤولية وممارسة كل الضغوط والعقوبات اللازمة على المملكة المغربية حتى تمتثل لقرارات الأمم المتحدة، بما فيها قرار مجلس الأمن الأخير بالاستئناف الفوري والكامل لعمل بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغريبة، المينورسو، وبالتالي الحيلولة دون انزلاق الأوضاع إلى ما لا تحمد عقباه، وحينها تتحمل المملكة المغربية كامل المسؤولية عما قد ينجر عن ذلك من عواقب وتبعات تهدد السلم والأمن والاستقرار في كامل المنطقة.
الأخبار: هل انتهت أزمة الكركارات؟ وإلى أين تسير الأمور؟
الرئيس الصحراوي: الاستفزاز المغربي في منطقة الكركارات لا يزال قائماً، ووضعية الجيشين الصحراوي والمغربي لا تزال على ما هي عليه، لا تزيد المسافة الفاصلة بينهما عن 120 متراً. نحن لا زلنا ننتظر قيام الأمم المتحدة بواجبها في وقف الانتهاك المغربي السافر لاتفاق وقف إطلاق النار، وعودة الوضعية على الأرض إلى ما كانت عليه قبل يوم 11 أغسطس 2016.
الأخبار: ما علاقتكم الآن بموريتانيا؟
الرئيس الصحراوي: علاقات جيدة، مبنية على الاحترام المتبادل والتعاون والتنسيق، خاصة في التصدي للمظاهر التي تهدد أمن واستقرار شعبينا الشقيقين، مثل مكافحة الجريمة العابرة للحدود والمخدرات والإرهاب. ولا غرو أن تكون الأمور كذلك، إذا ما نظرنا إلى ما يربط الشعبين من علاقات متميزة.
الأخبار: إذا أردنا منكم وصف التعامل الموريتاني معكم، أي الرؤساء الموريتانيين كان أكثر تعاملاً معكم؟
الرئيس الصحراوي: انطلاقاً من جواب السؤال السابق، فإن وجود العلاقات الجيدة يعني التواصل الطبيعي والمعتاد، وكلما دعت الضرورة إلى ذلك.
الأخبار: هل يمكن وصف الرئيس الموريتاني الحالي بأنه أحسن رئيس حكم الجارة الجنوبية في التعاطي مع الحكومة الصحراوية؟
الرئيس الصحراوي: أؤكد بأنه لا مبرر لعقد مقارنات في ظل علاقات جيدة بين بلدين وحكومتين وشعبين شقيقين. لكني أشيد بمستوى العلاقات الموريتانية الصحراوية القائمة في عهد الرئيس محمد ولد عبد العزيز.
وقد ظلت موريتانيا في عهده ملتزمة بدورها المحوري كبلد جار، ومعتمدة من قبل الأمم المتحدة، إلى جانب الجزائر الشقيقة، كطرف مراقب في خطة التسوية الأممية الإفريقية لاستكمال تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية.
كما تميز عهد الرئيس محمد ولد عبد العزيز برئاسة موريتانيا للاتحاد الإفريقي، الذي ظل يتناول القضية الصحراوية في مختلف قراراته، إضافة إلى ترؤس موريتانيا للجانب العربي في الشراكة الإفريقية العربية.
الأخبار: شكراً جزيلاً لكم.