
كيف ترمون الشيخ الدكتور محمد المختار ولد أباه ب" اتصفاگ" وربط مذكرته "رحلة مع الحياة" بالتكريم المستحق حقيقة في نظري بل وأعتبره تكريما لموريتانيا ولرئيسها لا للدكتور !!.
ألا تعتبرون من مثل بلدنا في هيئات عالمية أحسن تمثيل يستحق التكريم!؟!؟.
ألا تعتبرون أن من قابلته الدولة في نشأتها بتلفيق التهم والسجن وصبر على الوطن رغم كل الاغراءات يستحق التكريم ؟!؟!.
ألا تعتبرون أول موريتاني يحصل على دكتورا من جامعة الصربون العريقة يستحق التكريم ؟!؟!.
ألا تعتبرون مؤلف مكتبة تجمع بين الأصالة والحداثة يستحق التكريم ؟!؟!.
ألا تعتبرون كاتب هذه المذكرة الأدبية ذات الطابع التنويري يستحق التكريم ؟!؟!. ألا ألا ألا ....
وليس هذا دفاعا عن الدكتور ولد اباه بل محاولة لإنصافه وهو من قبيل :
إني لأغضب للكريم ينوشه = من دونه وألوم من لم يغضب.
فعلا ذكر الدكتور الحاضنة الاجتماعية للرئيس الحالي مرات، كما ذكر عدة قبائل مرات و لم يلفت ذالك انتباه البعض الناقم على الشيخ !!!
كما أن الشيخ محمد المختار ذكر الگاف المشهور الذي يقول :
ايدور ايشوف ألي مامات = افتقدم ذي الحكومة ....
وبحسبك هذا الگاف لبراءة الذمة من التصفاگ.
وأما ذكره لهم فنذكر منه التالي:
ابناء موسى البوصاديين في الصفحة 13 ذكر جيرانه وذكر قبلهم قبيلة تاگنيت الفاضلة التي ذكرها مرتين وذكر بطن الحمديِّين منها والذين منهم العَلم المشهور الشيخ سيدي محمد التاگنيتي .
و"ذكر الشيخ الخلف في الصفحة 64"، وذكر قصة شبه خرافية عن مقتل كابولاني الذي اضطرب الناس في قتله ومن قتله، وغرض قتله إلى ثلاثة أقوال :
1 من يرى أن سبب قتل كبولاني بسبب خلافه مع التجار الأروبيين فتخلصوا منه.
2من يرى أن قتله كان من تدبير افريرجاه ليكون خلفه، وقتل افريرجاه بعد ذالك بمدة يسيرة.
3 أن قتله كان من تدبير الثوار (المجاهدين) الغاضبين على المستعمر وهذا هو الراجح عند المؤرخين المحليين وأن باعث البطل سيدي ولد ملاي الزين هو الشيخ ماء العينين بن الشيخ محمد فاضل، وهذا القول هو الأكثر واقعية لأن الشيخ ماء العينين كان حامل لواء الثورة المسلحة لمكافحة المستعمر (جهاد الدفع ) في البلاد بل عبر الحدود إلى مناطق من المملكة المغربية.
وكان قتل كبلاني 11 سبتمبر هذه البلاد فهو قتل للمستعمر الأقل ضررا بل و"صديق المسلمين" كما يقال، والأكثر رفقا بالمجتمع وأغضب قتله المستعمر الفرنسي فشنَّ على البلد غارات بقيادة كورو لم يكن للبلد طاقة بها وتغيرت سياسات المستعمر في موريتانيا حيث كانت سياسة كبلاني لا تتدخل في الشؤون الدينية والاجتماعية مع احترام القضاء الشرعي قبل أن تستقل موريتانيا صوريا ويُعين المخطار ولد داداه رئيسها كما لمح له ولد أباه ويَدمج أو يمزج القضاء الشرعي بالقانون الفرنسي ويصير رئيس المحكمة فرنسيا حسب ولد أباه فيُغلِّب القانون الفرنسي، على الشرع فيصير القضاء بالقوانين الفرنسية منذ زمن المخطار إلى اليوم بعد أن كان القانون الفرنسي يحترم الشريعة وقضاتها كما اتفق عليه باب بن الشيخ سيدي والمستعمر.
والقصة التي ذكر فيها تأويل رؤيا "الشيخ محمد محمود المشهور بالشيخ الخلف شيخ من شيوخ الطريقة الغظفية" (التي من مريديها ومشائخها أسرة الرئيس الحالي) لا ننكرها لأن ولد ملاي الزين يقال أنه من الغظف، ولكنها تخالف روايات جل أهل آدرار التي تقول أن الذي دعى لهم الشيخ ماء العينين بن الشيخ محمد فاضل وأنه هو من جهز ولد ملاي الزين ورفاقه لهذه المهمة كما ذكرت لما علم منهم من شجاعة وتضحية وقوة...
ومن الغريب أن الإخوة الذين انتقدوا الشيخ ولد أباه نسوا أنه ذكر قبيلة إيديشلي ( أكف آدرار) الذين لا تذكر المقاومة إلا وذكروا وأثنى عليهم وذكر بعض أعلامهم كما ذكر الشيخ الخلف
"الأخ خطري بن الشيخ المجتبى البوصادي" في الصفحة 170 ذكره وقبيلته وذكر معه جماعة وذكر قبائل بعضهم .
الحارس الثالث يدعى باسم "المجتبى" الصفحة 172 نسي الإخوة المغالطين أو اللامنصفين أن الشيخ محمد المختار ذكره هو الثالث وذكر قبلة اثنين من الحراس وذكر قبيلة الأول تلميحا أو يفهم منه أنه من آل لمرابط سيدي محمود الأفاضل والثاني تصريحا وقبيلته قبيلة لادم المشهورة بالكرم.
وغفل الإخوة عن ذكره للگاف الذي سبقت الاشارة إليه والگاف في الصفحة 173.
ذكر نسب البصاديين وقال أنهم من الأنصار في الصفحة 174. وتصديق أو تكذيب المعلومة يعود لأهل الإختصاص في التاريخ، وليس من الأخلاق ولا الذوق الطعن في الناس والسخرية منهم على أساس النسب أو المكانة الاجتماعية في العجين الاجتماعي ما قبل الدولة أو ما قبل القرن 21.
ونذكِّر هنا أنه قال بصحة نسبة قبيلة أولاد غيلان الجعفرية التي هي من بني حسان، وقال بجمعها بين السيف والقلم وحفظ الشعر والأدب، واستغربت من سخرية بعض الرفاق وأدعياء التقدم الذين يرمون عرب الشمال (آدرار +الساحل) بالجهل وخاصة بالعلم الشرعي واللغة، وضحك بعض أغبياء الجهات الأخرى لهذا القول، فنجد أنه يُرَدُّ عليهم بقول بعض المستشريقين كالنقيب الفرنسي "فينسياه" الذي اعتبر قبيلة "لعروسيين" زوايا حملة السلاح وتم تصنيفهم قبل الإستعمار الفرنسي للبلاد أنهم زوايا حملة السلاح، رغم شهرة أنهم مصنفون "كاعرب" في التصنيف المحلي القديم، وننبه أن ما يعرف قديما ب"إماجرن" أي السادة من "لعرب" في المناطق التي لا تتبع قديما للإمارات كانوا متعلمين ويؤجر لهم من يعلمهم من "طلبتهم".
وليس هذا دفاعا عن أي قبيلة فشخصيا لا أرى أن "القبيلة" أو "الصنت"(اللقب عند لكور) سوى تسمية من تسميات الموروث الاجتماعي (للاسر في المجتمع الغربي)، أو مجموعة من العلاقات الأسرية مازالت قائمة بسبب ضعف الدولة ومن غير المقبول قانونا وشرعا أن يكون لها تأثير في دولة العدل والقانون، ومنها الصداقات أو العلاقات الموروثة وهي كصداقات الأسر في كل المجتمعات، ولا تُنكر وليست مُنكر.
كما أنه ذكر زيارة الرئيس محمد الغزواني في الصفحة 382
لمعرض جامعته جامعة شنقيط في المهرجان الذي عرف حديثا بمدائن التراث، واشتهر لسنوات بمهرجان المدن القديمة.
كما أنبه أنه أول رئيس لجائزة شنقيط، وهو الذي أضاف جائزة العلوم الإسلامية لجائزة شنقيط أيها التكفيريين الذين كفروا الشيخ وكفروا الطريقة التيجانية مع أنهم تناسوا ترجمته للقرآن وغيرها من المصنفات المعتدلة الوسطية المفيدة!، كما يمكن أن تُعتبر كل الجوائز الشرعية بعد جائزة شنقيط للعلوم الإسلامية هي امتداد لها كجائزة رئيس الجمهورية لحفظ القرآن التي أنشأت في عهد الرئيس الأسبق محمد بن عبد العزيز ، وجائزة النصوص المحظرية التي أنشأت في عهد الرئيس محمد ولد الغزواني، والتي كرم في حفل جوائزها الدكتور محمد المختار محمد المختار بن اباه تكريما مستحقا بعد سيول من التوشيحات والتكريمات التي أفقدت التكريم قيمته.
كما أن الدكتور ولد أباه لم يذكر كل رؤساء البلد كما زعم بعض المتحاملين، واتهمه بالتزلف، ولم يمدحهم كما أوهم البعض ،ويبدوا أنهم لم يلاحظوا نقده لحكم المخطار وسجن المخطار له ونقده المخطار كان بالأدلة والأسماء والتواريخ ورده على مذكراته وانظر كلامه في ما قبل تامشكط... .
ولم يذكر نظام الرئيس الأسبق السيد محمد خون ولد هيداله مع إشارة خفيفة من الأستاذ الدكتور سيد أحمد ولد الأمير لذلك رغم ذكر الدكتور ولد أباه لأحداث مارس التي هي الشاهد أن ولد هيداله كان يطبق ما يراه قانونا في الشريف قبل الوضيع في نظر المجتمع الرجعي، فتم قتل جماعة الإنقلاب الفاشل قصاصا للذين قُتلوا أو راحوا ضحية فعل الانقلابيين إما قصاصا للقتلى أو حدا للسطو (الحرابة) وقُتل فيها ابن أمير وأبناء أسياد ووضعاء في نظر المجتمع الرجعي.
ولم يذكر أيضا نظام الرئيس السابق اعلي ولد محمد فال الذي تنازل عن السلطة طواعية، والذي استدُعي لخلافته سيدي ولد الشيخ عبد الله الذي نُصِب رئيسا وهو الذي كان قد اتُهم في ملف بنك بلباو في عهد راعي الفساد والدموي معاوية ولد الطايع.
كما أنه لم يذكر الرئيس محمد ولد عبد العزيز، ونذكر أنه أيضا لم يذكر محمد محمود ولد لولي الذي من قبيلته يامن يتهمون ولد اباه بالقبلية واسمحولي أن أقول"مابينهم لعظام"على حد تعبير المجتمع !!!.
وهذا مما يعذر فيه الشيخ فهو لا يكتب عن التاريخ المعاصر بل يكتب مذكراته التي قال في مقدماتها أن الذكريات نوعان : ما يستعذب المرء الحديث عنه والعكس، وهو أيضا حر في ما يكتب ولم يذكر الشيخ أحدا بسوء إلا تلميحه مع بعض التصريح في ردوده على المخطار ولد داداه الذي اتهمه ونكل به وما على من انتصر من بعد ظلم من سبيل.
وقدنسي هؤلاء المتحاملون أنه أسندت إليه مع إدارة المدرسة العليا لتكوين الأساتذة المدرسة الوطنية للإدارة واعتذر عن إدارتهما معا، وهذا نادر في الكوادر الموريتانية، ونذكر أن الدكتور كان يدير الإعلام في المملكة المغربية قبل أن ياتي لموريتانيا ويعتقله نظام المخطار ويلفق له التهم، ورأس بعد مغادرة موريتانيا جامعة في نيجيريا وانتشلها كما ذكر.
وعمل مشرفا على مشروع إنقاذ مدينة فاس التاريخية الذي تشرف عليه اليونيسكو وارتقى في مناصب أممية في اليونيسكو والأليسكو وغيرها.
وإلى الذين اتهموه باستغلال الدين والجوسسة وبيع الوطن من أجل المال، فقد برأ منها الدكتور نفسه مع أن القرائن التي ذكرها وذكرنا بعضها تكفي لدحض هذا الافتراء لأنه لو أراد الحصول على المال لوجد طرقا شتى ولاكتفى بهدايا مريدي والده وأرى أنكم تسيؤون الظن بولد اباه أو تتحاملون عليه فإني بعد النظر في ماكتب عن حياته لم أر أنه يهتم بالمال والأعمال فرغم علاقاته الدولية وثقة المانحين الدوليين من مشرق الأرض ومغربها به وعلاقته بالملوك لم يأسس شركة أو لم يذكر امتلاكها ولا ماقرب إليها من قول أو عمل، ولعل ذالك بسبب الزهد الناتج عن البئة الصوفية التي تربى فيها الشيخ ولد اباه والتي افتتح بها مذكرته كتمهيد.
ومع ذلك نجد في مذكرته خروج على المألوف من معتقدات مجتمعنا المتخلف كاعتقاده في "السل" لأكل أموال الناس بالباطل وبحسبكم قصة الكبش ...!
ونجد في مذكرة ولد أباه الإشاد بدور المرأة في التعلم والعمل ومن ذالك ذكره للسيدة با madam ba وغيرها من النسوة.
وكذالك تقرأ انفتاح ولد أباه على الفن وذالك من خلال ما كتب عن المختار ولد الميداح، والفن الحديث والسنما كترجمته للملك همام والأدب فهو الشاعر بالفصيح والشعبي، وانفتاحه على الجديد كلعب الشطرنج مع فقهه.
وتقرأ في مذكرة ولد أباه الوحدة الوطنية ومحبة الكل وقد قال ذالك الدكتور ولد أباه في مذكرته وأتى بشواهد عليه وتقرأ في مذكره أيضا التماسك الإجتماعي بين أبناء الوطن واللحمة الوطنية.
وتقرأ في قصة ولد اباه الوفاء والإعتراف بالجميل لما قل منه أو كثر وحرصه على رد الجميل في شتى فقرات الكتاب .
وتقرأ وفاء ولد اباه لعمله وعدم العقدة من المدير ولكم قصته مع الامين العام كشاهد.
وقد أهدانا ولد اباه أيضا حكمته التي يعطي لأولاده وهي "أعينوا أنفسكم ليعينكم غيركم".
وتلاحظ في ولد اباه الانفتاح على الثقافات واللغات والعالم وأهمية اللغات وقبول الاختلاف الذي هو من الآيات، وهذا توجيه للمحظريين وتحذير من الانخراط في جماعة الإخوان المسلمين المتطرفة التي تتنافى مع قيم المحظرة الشنقيطية الصوفية التي تُدرِس شواهد عليش التي منها :
"ولاترين في الفضل دونك مؤمنا/ولا كافراحتى تغيب في القبري
فإن ختام الأمر عنك مغيب /ومن كان ذا لب يخاف من المكر"
والمحظرة هي التي أنجبت من مثلوا موريتانيا وكانوا سفارتها وأكسبوا شنقيط فخرها ك"ولد الرازگه" و "الماح" و "مسكه" و"لمجيدري ولد حبل" و"الشيخ محمد المامي" و" ولد محمدي" و"ولد اتلاميد" و"محمد العاقب ولد ما يابى" و الشيخ ماء العينين و"الشيخ سعد بوه" و "أحمد الأمين صاحب الوسيط الذي ألف أول ترجمة للمورتانيين والمجتمع الموريتاني" والدكتور محمد المختار نفسه و"الشيخ عبد الله بن بي" و"محمد المصطفى بدر الدين" و"أحمدو ولد عبد القادر" و"الشيخ حمدا بن التاه" و"أحمد باب مسك" ولبروفوسير "يحيى حامدن" والسفير الفذ العلامة لمرابط محمد سالم ولد عدود صاحب الأبيات التي مطلعها: ومدلة بالحسن قلت لها اقصري ...!!!
ومن الغريب أن يكتب بعض الشباب المثقف : "لم يذكر شيخنا" فلان أو علان حين ذكر بعض شيوخ ولم يذكر شيخنا الشيخ فلان الذي له امتداد واسع في موريتانيا، فهل كتب ولد اباه عن العلاقات الصوفية حتى يلزم بذكره؟!؟!.
ومثل هؤلاء الذين يقولون لم يذكر فلان أو لم يعطه حقه أو لم يفرد له ترجمة، فهل يترجم ولد أباه للأعلام المعاصرين وهل يعرفهم جميعا حق المعرفة؟!؟!
وكذالك الذين يقولون لم يذكر الكادحين أو ذكرهم مرة واحدة وهم الحركة التي لولاها لما تم تأميم اسنيم وسك العملة... ونظرا لغياب الضمير الوطني والذاكرة النضالية فحركة الكادحين لا بواكي لها، كما قال بعض الإخوة الذين أغضبهم هذا، نلفت انتباههم إلى ترجمته لولد عبد القادر وذكره المحجوب بن بي وبعض كبار اليساريين الدوليين ك "باهِ محمد" ... وبحسبك هذا من ذكر الكادحين.
هذه عجالة مما تذكرته من المذكرة الممتعة ورجعت لبعضه لأذكر الصفحة التي أنقل منها رغم أني لم أستوعبه المذكرة طرا لأن كلام المفكرين والدكاترة (العلماء) لا يستوعبه من دونهم ولم أتطرق لكل جوانبها ولم أذكر مصنفاته التي منها ترجمته للقران ولا لما استوقفني من نوادرها، ونكتها كجوديل وجديل التي لفت انتباهي إليها الأستاذ ولد الأمير، ولا إلى نكت الاشارة كقصة الدكتور ووالده التي سأله في أي حزب من القرآن أنت، ولا إلى إفحامه للرجل الممتنع عن الحج بدعوى الصور، ولا إلى الآراء الفقهية ونوادر القصص والتاريخ، ولا إلى توكل ولد أباه كقصة السيارة ولا إلى ذوقه الصوفي وغيرها من درر الرحلة الممتعة.
محمد الشيخ المكي/كاتب صحفي