من المؤكد أن التسريبات المتعلقة بالشيخ *السيناتور* كشفت المستور وعرت كثيرا من الحقائق؛ كان البعض يجهلها، بل كان طيف كبير من المواطنين يظن أن معارضة *السيناتور* وحليفه *رجل الأعمال* ومن دار في فلكهم هو نوع من الإلهاء؛ معتبرين الخيط القبلي الناظم للجماعة مع الرئيس؛ أقوى من التجاذبات السياسية، والانقسام المؤسس على تضارب المصالح.
لقد كشفت هذه التسريبات بجلاء عمق الأزمة بين الجماعة وأكدت أنه لا تلاق ودي يجمع القوم؛ فالرئيس رئيس دولة ثبت مع الزمن أنه يتعامل مع القوم تعامل رئيس-أولا وقبل كل شيء- وليس كحليف أو طرف قبلي مكبل بالخلفية الاجتماعية، ومهما قيل من أنباء أو سيق وتردد من تفسيرات حول هذه التسريبات وما خلفها من اتصالات وتحالفات؛ فإن مبعثها الحقيقي هو الخلاف السياسي والصراع على السلطة وحب التمكن من منافذ القوة.
لقد تبين أن رجل الأعمال كان يريد من دعمه المسبق لرأس النظام؛ أيام الحملة الرئاسية الأولى؛ أن يحظى بالقرب المحلى بكامل الامتيازات، تلك الامتيازات التي يكون صاحبها خلوا من أي إسقاط ضريبي أو إخضاع جبائي، كما كان يتوقع أن يكون صاحب الصفقات ومنفذ المشاريع وقابض الأثمان الأوحد ومعد الفواتير حسب مزاجه.
لقد اصطدم طموح الرجل بإجراءات عكسية تجعل من رجل الأعمال رجل أعمال فقط خاضع للنظم والمسار الضريبي، ذلك الإجراء الذي أفاض الكأس، وأظهر مسار العلاقة في مابعد على ماهي عليه؛ من تنافر، وتجنيد لمحاربين بالوكالة، كان منهم -مثالا لا حصرا- الشاعر بشعره وما حمل من تحامل، وكان منهم المغني وما انطوت عليه أغانيه من تهجم وتهكم وعبارات التخوين والاستنقاص، وكان منهم السياسي المنتخب؛ بمواقفه التي أظهرت التسريبات أنها مرتهنة، وإن كانت في فترة سابقة عدت على أساس أنها بطولات فردية نابعة من قناعة مجردة!!.
وبما أن الحسنة تدل على أخواتها والسيئة كذلك، وظهور بعض القرائن يدل على وجود أخرى دفينة ؛ فإن دخول أموال رجل الأعمال -الموجود خارج البلاد- على حلبة الصراع السياسي الداخلي؛ يشي بالمتاجرة والارتهان وبيع المواقف، اختلفت تلك المواقف بين المستهدفين أو اتفقت، قلت نسبة السيولة أم زادت.
خلاصة القول؛ أن اللعبة السياسية في بلادنا أعمق من أن تنكشف خيوطها من خلال خطاب سياسي مشهود أو عن طريق تحرك ميداني معزول.
بقلم: عثمان واد جدو