موريتانيا والجزائر علاقات تاريخيه ومصالح استراتجيه 

16 سبتمبر, 2022 - 08:22

المصلحة الوطنية" تمثل أحد المداخل المهمة لفهم طبيعة العلاقات الدولية، سواء على المستوى الثنائي أو متعدد الأطراف، كما تمثل مدخلا مهما أيضا لبناء هذه العلاقات، بعيدًا عن المزايدات أو الحسابات ضيقة الأفق أو قصيرة المدى. لقد عبر عن هذا النهج في الأدب النظري بوضوح كالفي هولستي فيما يخص الإعلاء من شأن المصلحة الوطنية في التحركات الخارجية للفاعل الدولي (الدولة). الالتزام بهذا النهج يعكسه وجود تصورات واضحة لدى النخبة الحاكمة وصانع السياسة الخارجية، بشكل عام، بما في ذلك العلاقة مع الشقيقه الجزائر على نحو يضمن الحفاظ على مصالح الدولتين في الإقليم الذي لازال يعج بأنماط عديدة من التهديدات.

العلاقات الموريتانية - الجزائريه كانت ولا تزال متميزة، تتسم بالقوة والاستمرارية والتطور، 
فالعلاقات المشتركة والمصالح المتبادلة بين البلدين  على جميع الأوجه السياسية والاقتصادية والتجارية لها تاريخ وجذور من الترابط والتماسك في السراء والضراء، ففي ذاكرة العلاقات كانت الجزائر تقف بكل ثقلها إلى جانب موريتانيا  في كل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية

ولعل استثمار اللغة الدبلوماسية التي دأب الطرفان على استخدامها نظراً لعمق العلاقة الاستراتيجية بين البلدين، كان عاملاً مهماً وناجحاً، في معالجة قضايا المنطقة.
ان التلاقي الجزائري الموريتاني هو تكامل أدوار لدولتين شقيقتين وفاعلتين اقليميا وفي شمال افريقيا بشكل خاص ، ربطه تاريخ طويل، وليس وليد اليوم 
وتطور العلاقات الجزائريه الموريتانية بالتأكيد ينعكس إيجاباً على القضايا الاقليميه  والمشاكل في دول المنطقة بدءاً من  بالمشاكل الامنيه في دولة مالي والصحراء العربيه وليبيا  وانتهاء بالساحل الافريقي والتهديدات الامنيه التي يعيشها 

وهذه العلاقه التي تربطنا مع الشقيقه الجزائر ستبقى متميزة ثابتة لأنها مستمدة من تاريخ طويل جمع البلدين والشعبين عبر سلسلة من الأحداث والوقائع يمكنها أن تحصن العلاقات من أي تشويه مستقبلاً

شهدت العلاقات الموريتانية الجزائريه في السنوات الثلاثه المنصرمة  أزهى عصورها ، فالتنسيق الكامل والتشاور الدائم هو سمة العلاقات بين البلدين؛ بهدف مواجهة كل ملفات المنطقة وأزماتها، وما يتعلق بها من تهديدات وتحديات؛ انطلاقًا من فرضية أساسية، تقوم على الرفض التام لكل التدخلات الإقليمية في شؤون الدول المجاوره أيا كان مصدرها؛ كونها تشكل تهديدا للبلدين  وسيادتهما، وتفكيكا لوحدتهما الوطنية، ومن هذا المنطلق تدعم الدولتان المبادرات السياسية والحلول السلمية لكل أزمات المنطقة وفقا لقرارات مجلس الأمن والمبادرات الإقليمية والمرجعيات ذات الصلة؛ بما يحافظ على استقرار هذه الدول ووحدة ترابها الوطني، ويضع مصالحها الوطنية فوق كل الاعتبارات، ويؤسس لحل دائم يكفل الأمن والاستقرار لشعوب هذه المنطقه.

لذا كان طبيعيا جدا أن تنمو تلك العلاقات بشكل مطرد مؤخرا في ظل التفاهمات بين قيادة الشعبين الشقيقين، وتأكيدا ‏لعمق ‏العلاقات المتجذرة بين موريتانيا والجزائر ، وامتدادا للروابط التاريخية والراسخة وأواصر التعأون الوثيقة التى تجمع بين البلدين تم التوقيع على جزمه من الاتفاقيات في جميع المجالات ، تأكيدا لتميز الصلات الثنائية بين البلدين والشعبين الشقيقين فى جميع المجالات وعلى كل المستويات، واستمراراً  من الشقيقه الجزائر  في دورها الريادى الدائم، فى دعم
موريتانيا

عمق ومتانة العلاقات التاريخية التى تجمع موريتانيا والجزائر حكومة وشعبا، ازدادت رسوخا في عهد الرئيسين محمد ولد الشيخ الغزواني وعبدالمجيد تبون، وترجمت في زيارات واتصالات لا تنقطع بين مسئولي البلدين؛ بغرض تعزيز علاقاتهما ودعمها في مختلف المجالات، 

والأمر المؤكد أن هنالك علاقات راسخة وممتدة تجمع موريتانيا والجزائر هدفها خدمة شعبي البلدين والتصدي للتطرف والإرهاب وغيرها من الأخطار المحدقة بالمنطقة، 

خلاصة القول، إن العلاقات الموريتانية الجزائريه  تستند إلى مصالح استراتيجية مشتركة، متعددة الأبعاد، تتعلق بمواجهة المواقف الدولية المتغيرة والتحديات الإقليمية السائده، في ظل إدراك يغلب عليه ضرورة "توازن المنافع". كما أن هذه المصالح المشتركة لا تعني بالضرورة التطابق التام فيما بينها، وإنما يكفي التطابق في المصالح الحيوية والأدوار الاستراتيجية، بحيث لا يلغي ذلك إمكانية وجود تمايز بين الجانبين حول بعض المصالح والأهداف والأدوار على مستويات أخرى.

د.محمدعالي الهاشمي

 

 

 

 

 

 

اعلانات