بعد أيام قليلة سيتم تشكيل حكومة جديدة بقيادة ولد بلال أو غيره ويأتي ذلك بعد انتخابات عاصفة، واختفاء أحزاب ماكان يسمى بالمعارضة وضياع اصوات ربع الناخبين هباء كاصوات لاغية،تأتي الحكومة الجديدة ايضا بعد انفجار اعمال عنف خطرة في مدن متعددة من البلاد على خلفية وفاة المغفور له عمر جوب في مفوضية شرطة،وهي أعمال عنف سيكون غبيا تفسيرها بمجرد حادث عرضي لانها دليل على توتر الوضع واحتقانه. هذا في حين يجمع أنصار النظام قبل خصومه أنه فقد مصداقيته بشكل جدي لدى الرأي العام ،وأن هيبة الدولة تلاشت خلال السنوات الأربع الماضية، وتلاشت حرمة المال العام لتصبح موريتانيا اكبر ورشة للنهب تحت سماء مفتوحه. وتلاشت المعايير حيث اصبح من المتواتر عليه أن النظام لاسباب مجهولة يخاف الكفاءات ويخاف الشباب ويخاف الشخصيات المشهود لها بالنزاهة ولذا يبالغ في تعيين الفاسدين وأنصاف المتعلمين وحملة الشهادات المزورة والشيوخ .
كذلك يبدو النظام مصرا على تجاهل مخاوف الناس ومصادر انشغالاتهم ،وكأن أركانه منهمكون في انتهاز فرصة وجودهم في السلطة وليأتي الطوفان من بعدهم، بل انهم يبدون منشغلين في خلق عداوات لا ضرورة لها كاستهداف قبائل معينة بالإهانة والتهميش.
ثم إن النظام، بعد أربع سنوات ، لايمكن أن يقدم حصيلة من اي نوع، لا انجازات إلا على الورق وفي جيوب الممونين (فورنيسيرات) وبعض المقربين والمهرجين.
كل هذه الوقائع تشكل شرخًا حقيقيا في شرعية النظام، وذلك معطى خطر للغاية.
ويرى اغلب المراقبين انه وانسجاما مع توجهاته منذ البداية لاينتظر ان يقدم النظام جديدا في الحكومة القادمة، بل أن يستمر في تدوير بعض الوجوه الفاسدة ،وهي قناعة راسخة لدى ولد الغزواني الذي سبق وقال في مقابلة صحفية ان الفاسدين الذين خدموا كل الانظمة السابقة لايمكن الاستغناء عنهم لانهم 70٪ من طاقات الادارة الموريتانية. بطبيعة الحال يخلط غزواني بين 80٪ من رواد الصالونات والمكاتب التي ترده اخبارها وبين الشعب الموريتاني الذي تمثل نسبة 70٪ منه شبابا دون الثلاثين لايفهمون لغة المحيطين بغزواني ولايتقاسمون معهم اي شيء لأن رجال النظام ينتمون الى ماض سحيق بينما تعيش الاجيال الجديدة قيم عصرها.
كل المراقبين يجمعون على أن نظام ولد الغزواني رغم نتائج الانتخابات يواجه أزمة حقيقية، ليس مع المعارضة المنعدمة أصلا، وانما مع السواد الاعظم من الموريتانيين البسطاء وكذا من النخب المتعففة عن التملق واستملاك المال العام.
الإمتحان الأخير لنظام غزواني هو تشكيل حكومته القادمة. هل سيقدم ، أخيرًا ، أدلة ملموسة على إرادة للإصلاح والإنجاز أم سيعطي مكافأة للرداءة والفساد؟ هل سيطمئن الموريتانيين أنه يأخذ همومهم بعين الاعتبار أم سيبقى حبيس نفس الدوامة؟.
الداه يعقوب