كتب الصحفي الأوكراني ألكسندر ميتشن تحليلا متكاملا عن مختلف المراحل التي مرت بها موريتانيا
منذ الاستقلال وحتى اليوم وخاصة في الجانب السياسي حيث عدد مختلف رؤساء موريتانيا وكيفية وصولهم للحكم بعد أن تحدث عن حرب الصحراء ودور موريتانيا فيها قبل انسحابها منها
وتحدث الكسندر في صحيفة نيو ويست ميديا newwest-media الالكترونية الأوكرانية التي نشرت التحليل يوم الخميس عن موقع موريتانيا الجغرافي وتركيبتها الإثنية والتحديات السياسية التي مرت بها حتى انقلاب 2008 بما في ذلك تسييس الهوية الوطنية ثم عرج على الاستفتاء الأخير متسائلا: هل هو بداية لديكتاتورية جديدة في موريتانيا؟
وتحدث الصحفي الاوكراني عن هامش حرية التعبير على مستوى الأحزاب السياسية والبرلمان وعن المعارضة الموريتانية بما في ذلك الجماعات الإسلامية التي حاولت تقليد "الربيع العربي" في موريتانيا قبل أن تضعف.
وضمن هذا التحليل الإخباري أجرى الصحفي الكسندر ميتشين حوارا حول الاستفتاء الدستوري الأخير وتداعياته مع الزميل أحمد ولد مولاي امحمد مدير مجموعة التواصل الإعلامية المستقلة (أسبوعية التواصل وموقع التواصل الإخباري الالكتروني www.tawassoul.net ) وكان الحوار على النحو التالي:
1- السيد أحمد، لماذا قرر ولد عبد العزيز حل مجلس الشيوخ؟ وهل يمكن اعتبار ذلك بداية لديكتاتورية جديدة في موريتانيا؟
أحمد مولاي امحمد: يمكن القول إن الرئيس الموريتاني كان ينظر مثل الكثير من الساسة والنخب الموريتانية إلى مجلس الشيوخ كغرفة زائدة تكلف الدولة نفقات باهظة قدرها الرئيس نفسه بأزيد من 16 مليار أوقية منذ تأسيسه وهي إلى جانب ذلك تعيق سرعة تمرير مشاريع القوانين بما في ذلك تلك التي تكتسي طابعا استعجاليا فضلا عن أن هذه الغرفة كانت تصادق باستمرار على القوانين بعد مصادقة مجلس النواب عليها دون اضافات او تعديلات لذلك رأى رئيس الجمهورية كما رأى المتحاورون أنها غرفة ليس لها أهمية لا في العملية الديمقراطية ولا من حيث المردودية على البلد.
ويعتقد كثيرون أن الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع أنشأ هذه الغرفة إرضاء لشيوخ المجموعات التقليدية ليضمن ولاءها. ومع ذلك فليس من الانصاف القول إن الرئيس ولد عبد العزيز قرر بنفسه حل مجلس الشيوخ بل يجب ان نتوخى الأمانة ونتحدث عن حوار ضم أحزاب المولاة وبعض أحزاب المعارضة وفاعلين من المجتمع المدني وغيرهم واتفق الجميع على هذه التعديلات بعد أكثر من شهر من الحوار الساخن. وبما أن الحكومة ملزمة بتنفيذ مخرجات الحوار المذكور فقد عرضته على النواب وصادقوا عليه بأغلبية كاسحة لكن تم رفضه على مستوى مجلس الشيوخ بنسبة 33 صوتا مقابل 20 صوتا مع التعديلات وهنا قال الرئيس إنه مادام النواب قبلوا في مقابل رفض 33 شيخا والأطراف المتحاورة تريد تنفيذ مخرجات الحوار فلا بد من عرضه على الشعب مباشرة وهو ما أثار جدلا قانونيا حول دستورية هذه الخطوة حيث اعتبرت اطراف معارضة لها انه لا يمكن عرض الاستفتاء على الشعب قبل مصادقة ثلثي اعضاء غرفتي البرلمان (النواب والشيوخ) وما دام الرفض قد حصل على مستوى غرفة الشيوخ فإنه لا يوجد مجال لعرضه على الشعب، بينما رأى المؤيدون للخطوة أن المادة 38 من الدستور الحالي تجيز لرئيس الجمهورية عرض كل الأمور ذات الأهمية البالغة على الشعب وهو ما لجأت إليه الحكومة.
وخلاصة القول أن التعديلات الدستورية كلها (إلغاء مجلس الشيوخ، تعديل النشيد الوطني، تعديل العلم الوطني، استحداث مجالس جهوية للتنمية المحلية، دمج بعض المؤسسات في مؤسسة واحدة تحظى بصلاحيات المؤسسات السابقة ... ) كل ذلك تم ضمن اتفاق اطراف سياسية في حوار وطني ولم يكن خطوة من الرئيس وحده.
2- هل دعم الموريتانيون حقا هذا القرار ام كان هناك بعض التلاعب كما قالت المعارضة؟
أحمد مولاي امحمد: فيما يتعلق بسؤالك عن مدى دعم الموريتانيين لهذا القرار وهل كان هناك تلاعب كما قالت المعارضة، يمكنني الجزم بأن الشعب الموريتاني تعب من السياسة ومن السياسيين ومن وعودهم وقد تراجع دعم الشعب للرئيس ولد عبد العزيز ولحكومته لأسباب مختلفة بعضها دعايات المعارضة التي تأثر بها كثيرون والتي شوهت صورة النظام وبعضها لعوامل اقتصادية وظروف معيشة المواطنين التي لم تتحسن كثيرا لذلك كان الإقبال على صناديق الاقتراع ضعيفا وكانت نسبة المشاركة حوالي 53 % وبالطبع كان أغلب المشاركين من الذين صوتوا بنعم لكن كان لافتا حضور الاصوات المحايدة بكثرة، اما التلاعب فلا يمكن الجزم به بشكل كبير لكن لا شك أن بعض المسؤولين الإداريين عن الانتخابات ساهموا في رفع نسبة المشاركة بشكل أو بآخر بعد ان فشل السياسيون المؤيدون للتعديلات.
وهكذا يمكن القول ان الشعب لا يهمه كثيرا تعديل النشيد أو العلم أو إلغاء مجلس الشيوخ ولكنه مهتم أكثر بالحد من البطالة وبتوزيع عادل للثروة الهائلة للبلد وتحسين الظروف المعيشية للمواطن وربما كان ضعف الإقبال ناجم عن يأس المواطن من حصوله على ما يتطلع إليه من هذه الأمور.
3- هل سيرشح ولد عبد العزيز نفسه لمأمورية ثالثة أم لا؟
أحمد مولاي امحمد: صرح رئيس الجمهورية في أكثر من مناسبة في الداخل وفي الخارج بأنه لن يترشح لمأمورية ثالثة، وأعتقد شخصيا أنه لن يترشح. لكنني واثق من أن نظامه لن يترك السلطة كما تريد المعارضة، لأنه سيرشح أحد رجاله لمنصب الرئيس وسيحظى هو نفسه بمنصب يمكنه من الإشراف على تسيير البلاد عن قرب مثل رئاسة الحزب الحاكم على سبيل المثال، وهو امر لا يمنعه منه القانون، وقد صرح هو نفسه أنه لن يترشح لمأمورية ثالثة لكنه سيواصل ممارسة العمل السياسي كمواطن يهتم بشؤون ببلده ولا أجد شخصيا ترجمة لهذا الكلام سوى ما قلته لك سابقا.
وهكذا يمكن القول إننا سنشهد تجربة مشابهة إلى حد كبير لتجربة الرئيس بوتين والرئيس مدفيديف أو التجربة التركية مع اردوغان ورفاقه.
4-ما الذي تغير في النشيد الموريتاني؟
أحمد مولاي امحمد: يمكن القول إن ما تم الإعلان عنه حتى الآن هو أنه لم يتغير الكثير في النشيد الوطني الموريتاني الأول فقد بقي النص السابق كما هو وهو نص ديني يحث على التوحيد والتمسك بالدين الإسلامي وما حصل من تعديل هو إضافة مقطوعة صغيرة تحث على الوطنية والانتماء الوطني وتضفي نكهة جديدة على النشيد لا اكثر ولا اقل تماما كما حصل مع العلم حيث بقي العلم القديم مع إضافة شريطين أحمرين في الأعلى والأسفل بنسبة 15% حيث يرمز هذا اللون الإضافي الجديد إلى تضحيات شهداء الوطن في فترة مقاومة الاستعمار وكل شهداء الوطن لاحقا.
ولقراءة الموضوع في صحيفة newwest.media اضغط هــنـــا