قال رئيس منظمة الشفافية الشاملة، محمد ولد غدة، إن منظمته: “تسعى إلى خلق بيئة شعبية معادية للفساد، من خلال كشف عمليات الفساد بشكل صاخب بغية لفت انتباه المواطنين إلى خطورته وخلق رأي عام حازم وضغط ضد ظواهر الإفلات من العقاب”.
جاء ذلك في نص المرافعة التي قدمها ولد غدة، أمام الغرفة الجزائية لمحكمة ولاية نواكشوط الغربية، مساء الخميس الماضي.
وأضاف أن المنظمة لم تقم إلا بالدور الذي ” منحه لها المشرع وهو كشف الفساد طبقاً للقانون رقم 040/2015، كما تنص المادة 6: تلتزم الدولة بتعزيز الشراكة مع المجتمع المدني والقطاع الخاص في مجال مكافحة الفساد”، وفق تعبيره.
واسترسل ولد غدة في الحديث عن القضية محل الدعوى والمتعلقة بالصفقة رقم (2020/ (MHA/DHB/M006/0026 والتي بحسب ولد غدة، تم التركيز فيها على على الممر الصاعد لأنه يمثل 85% من مبلغ الصفقة (700 مليون)، منبها إلى أنه لم يعثر على “على الممر الصاعد لأنه يمثل 85% من مبلغ الصفقة (700 مليون)، وفق نص المرافعة.
وقال: ” كتبنا في التقرير مرتين أننا لم نعثر عليها، وكان ذلك بغرض تحري الدقة فيما تنشره المنظمة وليس خشية من تقديم شكاية ضدنا، ولم نهتم بعدم عثورنا عليها لأنّ نسب التضخيم العالية جدًا في الممر الذي تمت فوترته بـ 700 مليون أوقية قديمة (وهي أفعال مجرمة بالمادة التاسعة من قانون الفساد) تكفي لوحدها، وهي جديرة بالكشف بشكل صاخب يلفت انتباه المجتمع وهو ما يدخل في صميم صلاحيات المنظمة طبقاً للمادة السادسة من قانون 040/2015″.
وشدد على أنه على يقين تام، بأن الوثائق التي قدمها صحيحة، “وأنّ الصفقة لم يجر عليها أي تغيير، معللا موقفه بأن الصفقة “مسجلة لدى جميع مراكز التوثيق الرسمية وآخرها تسجيلها لدى إدارة ممتلكات الدولة.
ثانياً: أنّنا كنا أيضًا متأكدين من أنّ المبلغ المخصص لها قد سُحب، وذلك من خلال الموقع الإلكتروني الرسمي للصندوق الفرنسي الذي مولها”، مضيفا أن منظمته تملك “نسخًا من جميع المحاضر التي أصدرتها لجنة رقابة الصفقات من المحضر رقم: N 5/CNCMP/2020 بتاريخ 29/01/2020 إلى المحضر رقم: N 23/CNCMP/2020 بتاريخ 29/04/2020 ولم يرد في هذه المحاضر إجراء أي تغيير على هذه الصفقة” وفق قوله.
وقال إن المنظمة بعثت مهندسين متخصصين لمعاينة المعابر الأربعة والممر الصاعد وإجراء خبرة هندسية متكاملة بعد المؤتمر الصحفي الذي عقدته الشركة المختصمة معه.
وبحسب مرافعة ولد غدة فقد أكدت هذه الخبرة الهندسية “أنّ نسبة التضخيم في الممرات الأربعة التي لم نعثر عليها أولا كبيرة جدًا هي الأخرى حيث أنّ قيمة هذه الأشغال هي 20 مليون فقط بدلاً من 115 مليون تمت فوترتها”.
وتحدث في مرافعته عن أن “الجزء القليل الذي تم إنجازه من الأسمنت المسلح كان مغشوشا بشكل فاضح، ولم يتجاوز سمكه 15 سم بدلا من 25 سم المنصوص عليها فنيا، وفق قوله.
واعتبر أنها مخالفة جديدة “تتعلق بالغش الهندسي الذي يعرض المنشآت للانهيار.
وقال: “في ما يتعلق بادعاء وجود أعمدة الإنارة داخل المخازن بدل تثبيتها فلا يمكن تفسيره إلا باحتمال واحد وهو أنه تم شراؤها وضعها هناك بعد صدور تقريرنا، فكيف يمكن تفسير مبرر الطرف الشاكي بوجود بعض الأشغال التي قد تتلفها وذالك لأن الأشغال الموجودة حاليا بدأت فقط في سنة 2023 أي بعد ثلاث سنوات من تسلم الصفقة موضوع التقرير فكيف يتم شراء أضواء بأسعار مضاعفه وعلى سبيل الاستعجال إذا كان سيتم و ضعها في مخزن حتى يبدأ المشروع الموالي بعد ثلاث سنوات وينتهي بعد ثلاث أخرى أو أكثر”.
وخاطب رئيس المحكمة قائلا: “إن كشف الفساد بشكل عام وعلني هو هدف المنظمة وواجبها، وتدقيق المبالغ المختلسة ليس شرطاً، ومع ذلك، فعدم عثور المنظمة على أشغال بقيمة 20 مليون من أصل 813 مليون تقاضتها الشركة الشاكية بالإضافة إلى 150 مليون حصلت عليها كإعفاء من الضرائب، لا يمكن اعتباره جريمة للمنظمة ولا يعفي الأطراف الأخرى من جرائمها”.
وقال إن الدراسة الفنية المقدمة من طرف خصومه، أكدت تورطهم في الفساد، مبررا ذلك بأن “الكميات التي توجد بها لا تتجاوز قيمة الأشغال فيها 200 مليون أوقية قديمة، وإذا أضفنا إلى قيمة هذه الأشغال المحددة بشكل دقيق قيمة الأضواء بصفتها مقتنيات وليست أشغال، مع العلم أنها لم ترَكَّب، يصبح الجميع 275 مليون أوقية طبقاً للأسعار التعاقدية كما تبين الورقة الفنية طي الملف” بحسب نص المرافعة.
وأشار إلى أن الفساد البين، وفق تقديره يكمن في أن “المنجز على الأرض يناهز 100 مليون فقط كما تبين الخبرة الهندسية طي الملف، ولكن التحقيق تجاهل الوثائق بشكل مخلّ وقام بتوجيه التهم” وفق تعبيره.
وأكد أنه طلب من قاضي التحقيق، الحصول على نسخة من جميع الوثائق التي يتحدث عنها الطرف الشاكي، مضيفا: “في اليوم التالي، تسلمت مخططات تابعة للدراسة التنفيذية التي يتحدث عنها الطرف الشاكي، ولكن حجبت عني خلاصتها والكميات النهائية المستخلصة منها، وكانت المفاجأة بعد تفحص “الدليل” المقدم ضدنا هي أنّ الدراسة التنفيذية لا يوجد فيها سوى الأشغال المتعلقة بالممر الصاعد والمعابر الأربعة بالإضافة إلى محورين لا يتجاوز طولهما مئات الأمتار، وما تضمنته الدراسة فقط هو استبدال التربة الرخوة في هذين المحورين وتكلفته زهيدة جدًا”.
وأشار إلى أنه بعد فترة، سلمه قاضي التحقيق الوثائق التي قال إنه حجبت عنه من ضمنها ورقة المجاميع التي تحدد فيها جميع الكميات النهائية، وتساءل في مرافعته عن سبب تصديق ما أسماه “فرية” إنجاز خصومه “لـ 39 كلم في العريضة الفاتحة للدعوى”.
وقال إن خصومه لم يستطيعوا تقديم أي “وثيقة يمكن أن تضفي عليه أي نوع من الشرعية، فليس له محضر من لجنة الصفقات يجيز هذه التعديلات المزعومة، وليس متطابقًا مع الكميات النهائية الموجودة في الدراسة التنفيذية، ولو أنه كان متطابقًا معها لكان مبلغه 275 مليون فقط، وهو مخالف بل ومتناقض تمامًا مع المادة 40 من قانون الصفقات”، بحسب تعبيره.
واتهم الخصم بتزوير جدول الكميات والأسعار، مضيفا أن التزوير “أراد منه تحويل المبالغ المختلسة عن طريق التضخيم في الأسمنت المسلح والتربة في الممر الصاعد، ونقل المبالغ المختلسة إلى المعابر الأربعة الصغيرة، وذلك أيضًا من خلال تضخيم الأسمنت المسلح في هذه المعابر وإضافة بنود جديدة لا وجود لها على أرض الواقع ولا في كميات الدراسة التنفيذية”، وفق المرافعة.
وقال: “الجدول المزور لا علاقة له بالدراسة التنفيذية؛ فجميع الكميات التي تنبغي فوترتها طبقاً للخلاصة النهائية لهذه الدراسة، وذلك عن طريق ضربها في الأسعار المتفق عليها بين الطرفين، لا تزيد قيمتها على 275 مليون أوقية قديمة، وهذا الجدول زاد على ذلك بمبلغ 560 مليون مقسمة بين التضخيم والأشغال الوهمية، وذلك من خلال تحويل قيمة الاختلاس من السلسلة 100 في (DQE) إلى السلسلة 200 بطريقة مكشوفة”.
وشدد على أن الجدول الذي أسماه قاضي التحقيق بجدول الأسعار النهائي، “لا تاريخ له ولم توقعه الوزيرة ولم يمر عبر لجنة مراقبة الصفقات طبقاً للمادة 65، حيث تمتلك المنظمة نسخاً من هذه المحاضر على امتداد الأشهر الثلاثة من المحضر رقم N 5/CNCMP/2020 بتاريخ 29/01/2020 إلى المحضر رقم N 23/CNCMP/2020 بتاريخ 29/04/2020، والتي هي مدة المشروع، تجدونها مرفقة” بحسب قوله.
وختم ولد غدة الجزء الأول من مرافعته بالقول: “ومن حيث المبدأ، لا يمكن للجنة مراقبة الصفقات إجازة التعديلات التي قامت بها الأطراف الثلاثة المتورطة في الفساد لأنها نسف نهائي للصفقة الأصلية من خلال فوترة عناصر جديدة وهمية وبأسعار جديدة لم يتم الاتفاق عليها في الصفقة الأصلية، شملت هذه التعديلات الجديدة أكثر من 66% من أصل الصفقة، وهو ما يحتم قانوناً إبرام صفقة جديدة طبقاً للمادة 40 من المرسوم القانوني رقم 126”.
ض