لأول مرة في تاريخ بلاد شنقيط تفتتح المدارس أبوابها في ارتباك وتساؤل محير، فالذي كان عليه الحال أن المدارس تفتتح عامها الجديد بوقع العلم الوطني وترتيل النشيد الوطني أثناء رفرفة العلم مما يربي الأجيال على قدسية العلم ويغرس في النفوس حب التضحية دفاعا عن حرمة الأرض التي تتزيا بهذا العلم.
وبينما نحن منغمسون في معمعان العام الدراسي المنصرم ، إذ بدأت الأجيال السائرة في المجهول تتساءل عن الجديد الذي يحمله العلم الوطني المزعوم، وهل بالإمكان استبدال معاني النشيد بما هو أكثر ارتباطا بالأرض والذود عن الحق، فإذا بالجواب يتعذر طالما أن المتداول في الشارع أكثر رواجا من المعطى من طرف السلطات المسؤولة.
وترقب الجميع أن العطلة السنوية كفيلة بحل اللغز أو بتقديم اليسير من المبررات للمواطن الذي كان وقتها بصدد التصويت على التعديل الدستوري وانقضى ذلك لأجل دون زوال العتمة عن الموعود الذي لم يتم الإعداد له جيدا، أو غاب من تدبر أمره أن القيادة ليست بالارتجال، وأن التمدن لا يرقى إليه بالترحال. بل إن البلاد لا تساس إلا بالرجال وتزاحم العقول.
مضى ذلك الزمن وبدأ الناس يقبلون على المدن لمباشرة التدريس وهم من أمرهم في حيرة. لقد انقضى "بحكم القانون" ذلك النشيد وذلك العلم ولم يزل في واقع الحال الأمر على ما هو عليه، فإتقان سياسة القبول بالأهم لواقع هو الأفضل لنهج تساس به الدولة في هذا العهد، إذا سنواصل بهذا العرج في انتظار النص الجديد والرمز الوطني الجديد وشمس النص القديم والرمز القديم لم تفل.
وعلى غرار السنين السابقة يتم عادة إنتاج توزيع كميات من المناهج الدراسية ، في بداية كل عام جديد. فهل يا ترى ستبقى فلذات أكبادنا تنتظر وبدون مراجع حتى يتم حسم الخلاف حول النص الجديد.
أم أن من لم يحسم أمر مقاسات العلم الوطني التي لا تحتاج إلى لجنة من 50 عضوا أو مؤتمر من 60 عضوا بإمكانه أن يحسم الخلاف حول كلمات النشيد الوطني؟.
لا تقنطوا فليس هذا وحده فأمر النشيد والعلم مجرد غطاء لإلغاء مجلس الشيوخ وكنس مقره، وطالما أن الأمر قد تحقق فقد يعود العمل بالنشيد الوطني حتى انتخاب المجالس الجهوية للبت فيه. أو لعلها ستكون صاحبة القرار في هذا الشأن!.
وربما يكون البرلمان المقبل ذي الغرفة الواحدة هو الذي سيتولى مهمة إقرار القانون المعدل للنص والعلم . كل شيء ممكن فلا تذهبوا بعيدا.
أما أبناؤكم أيها المتسائلون فعلموهم أن السلطة الزمنية قد تقسم بالله على أمر وتنساه أو تفسره تفسيرا دستوريا ما . وما عليهم إلا أن يناموا على سالفة من سوالف أجدادهم حتى ينقضي العام الدراسي الحالي وحينها سيقيم حفلا لاختتام سنة دراسية من الفراغ القانوني ونكرم فيها من لا هوية له. أو نقيم في نهايتها نصبا تذكاريا لأكثر التلاميذ ترحالا بين المدارس الرسمية، النموذجية منها والرديئة والتي لا تنتمي إلى أي من الصنفين.
كل ذلك قد يطبع ملامح العام الدراسي 2017 ـ 2018. فالتعليم لا بد أن يتلاءم مع حاجة السوق والسوق في توسع ولله الحمد فلا تقلقوا.