من تكونُ بنت زكزك أو بنت أزيزك؟!
يقولُ أميرنا محمدّ بلو ابن شيخنا عثمان دان فودو أمير المؤمنين في كاشنة، في كتابهِ "إنفاق الميسور في تاريخ بلاد التكرور" الذي حققتهُ بهيجة الشاذلي وصدر في التّسعينات عن معهد الدراسات الإفريقية بالرّباط "... وهذه الأقاليم السبعة قد كان فيها من العجائب و الغرائب أمور كثيرة، وأول من وهبت له الدولة فيها على ما زعموا أمنة بنت زكزك، غزت هذه البلاد واستولت عليها قهراً حتى أدت إليها الخراج من كاشنة وكنو، وغزت بلاد بوش، حتى وصلت البحر المحيط المحيط من جانب اليمن والغلرب، وتوفيت بأقاعز".
وفي "منظومة ابن حجاب" في تاريخ اترارزة التي حققتها خديجة منت الحسن في التسعينات أيضاً وصدرت عن بيتِ الحكمة في تونس :
"و"شرصةٌ" أزيـزكِ أتتْ // و قُوتها بهِ العواصفُ أتتْ
وملحسٌ في عامها ذا حتّى // أتهمُ العِدى بجمعٍ شتّى."
تقولُ خديجة : "بنتُ أزيزك اسم امرأةٍ بقيّت عند بئر، سنة قحطٍ شديدة في القبلةٍ، وصار النّاس يُخلفون عندها أمتعتهم و يذهبونَ لطلبِ القوتِ وقد عرف القحطُ بقحطِ بنت أزيزك وكان ذلك سنةَ 1265هـ/ 1848م."
لقد تحدثّ محمد عبد اللّطيف في كتابه الشّهير "تمبكتو أسطورة التّاريخ" الصّادر في بنغازي 2001 عن أصل تسمية تمبكتو، حيثُ ذكر إتفاق المؤرخين أنّ كلمة تينبكتو مرتبة من كلمتين هما : "تين" وتعني بلغتنا الطارقية مكان و "بوكتو" هوّ اسم عجوز، وهذا الرأي الذي أخذ به كلاً من ديبوا فيلكيس و جون مرنير.
أمّا عن قصة هذه العجوز التي وجدت في أرض القبلة في مواسم الجفاف، وكانت أميرةً في نجيريا على ما يبدو، و حارسةً في تمبكتو، فيقولُ محمد عبد اللّطيف أنها "كانت تقيم في ذلك المكان وكان الطوارق، و أهل المنطقة القادمون من أماكن بعيدة يستأمنونها في تخزين مؤنهم، وبعض الأشياء الأخرى، التي كانوا في غير حاجةٍ لنقلها معهم في مناطق استقرارهم في الشّمال، وكان عندما يصل الطارقي إلى موطنه الأصلي، يسأل، أين أمضيتَ فترة الجفاف؟ أو أين لجأت بقطعان ماشيتك أثناء سفرك؟ أو أين خبأت أمتعتك؟ يقول : وضعتها عند "تين-يبكتو".
فمن خلال هذه الرّوايات الثلاث، نلاحظُ تشابهُ قصتّها في أرض القبيلة و في تمبكتو، خلافاً لأهل كشنة الذين جعلوها أميرة غازية!
فهل بنت زكزكٍ عند أهل نيجيريا هيّ نفسها بنتُ ازيزك عند أهل الترارزة، وبكتو عند أهل تمبكتو؟! وكيف اتفقوا جميعاً على نسج الأساطير حولها؟! وهل هيّ أم الطّريد التي أطلق النابغة الغلاوي اسمها على نظمهِ الجميل في العبر إذ تشبهُ نهايتها منت زيزك، وبدايتها بنت زكزك؟ أمّ أنّه تقاربُ المخيال الجمعي لشعوبِ هذه المنطقة ؟!
نقلا عن صفحة العملاق Med Vall Sidi Meila