الجنرال محمد ولد لحريطاني… حين يكتب العسكري سيرة وطن/بقلم: النعمه النون

17 نوفمبر, 2025 - 08:35

نرال محمد ولد لحريطاني… حين يكتب العسكري سيرة وطن

 

في ذاكرة الجيوش، تبقى أسماء قليلة فقط قادرة على تجاوز حدود الرتبة والوظيفة، لتصبح رمزًا للقيم التي تبنى بها الأوطان: الانضباط، التضحية، الشجاعة، والقدرة على اتخاذ القرار في اللحظة التي يتردد فيها الآخرون. من بين هذه الأسماء يبرز الجنرال محمد ولد لحريطاني كأحد الوجوه العسكرية التي صنعت حضورها بثبات، وبقيت وفية لثوابت المؤسسة العسكرية الموريتانية.

 

لقد عرفته ثكنات الجيش قبل أن تعرفه المناصب، وعرفته الميادين قبل أن تعرفه القاعات الرسمية. تربى على تقاليد الانضباط الصارم، حيث لا مجال إلا للعمل، ولا مكان إلا للمسؤولية، ولا صوت يعلو فوق صوت الواجب. هناك، في تلك البيئة الصعبة، صقلت شخصيته، وتشكل وعيه العسكري، ونضجت لديه رؤية تُقدّم مصلحة الوطن على كل اعتبار.

 

قيادة لا تبحث عن المجد، بل تصنعه

 

لم يكن الجنرال ولد لحريطاني من أولئك الذين يملؤون الإعلام ضجيجًا، ولا من الذين يطلبون النجومية خارج ثكناتهم. كان حضوره الأقوى دائمًا في ميدان العمل: إدارة، تنظيم، تأطير، ومتابعة دقيقة. رجل يعرف كيف يُمسك بخيوط المسؤولية دون أن يرهق من حوله، وكيف يقود فرقًا كاملة بروح الجماعة لا بعقلية الفرد القائد.

 

ففي كل المواقع التي تولاها، أظهر قدرة نادرة على الجمع بين الصرامة العسكرية والبعد الإنساني، بين قرارات حاسمة وقلب يعرف معنى العدل والرحمة. وهذه الثنائية لا ينالها إلا القليل من الضباط الذين يدركون أن القوة الحقيقية ليست في الأوامر، بل في كيفية صُنع رجال قادرين على تنفيذها بثقة واحترام.

 

روح إنسانية خلف الزي العسكري

 

ورغم صرامته، يحمل الجنرال ولد لحريطاني في داخله حسًا إنسانيًا عميقًا. لا ينظر إلى الجندي باعتباره رقمًا في قائمة، بل باعتباره إنسانًا له شأن، له أسرة، وله طموح. وقد عرف عنه ميله الدائم لدعم العسكر الشباب، وتوجيههم، وفتح الطريق أمامهم ليحققوا ذواتهم داخل المؤسسة.

 

ومن يعرفه عن قرب، يدرك أن هذا الجانب الإنساني ليس ترفًا، بل جزء من تكوينه، وجزء مما ورثه من بيئة موريتانية تقدّر الشهامة، وتربط القوة بالمسؤولية الأخلاقية.

 

رجل يضيف للمكان ولا يمرّ مر الكرام

 

ليس من السهل على قائد عسكري أن يترك بصمة واضحة أينما مر. لكن الجنرال ولد لحريطاني فعل ذلك بهدوء القادة الحقيقيين. في كل قطاع حمل مسؤولية قيادته، ترك أثرًا: تنظيمًا، تطويرًا، رؤية، إجراءات عملية… حتى بات يُنظر إليه كأحد الضباط القادرين على تحويل التحديات إلى فرص.

 

إنه من طينة أولئك الرجال الذين لا يحتاجون إلى أن يتحدثوا كثيرًا عن أعمالهم، فالأعمال نفسها تتكفل بالحكاية. وحين يتحدث عنه زملاؤه ومرؤوسوه، يتفقون على صفة واحدة: النزاهة العسكرية؛ تلك القيمة النادرة التي تجعل القائد قدوة وليست مجرد رتبة.

 

خاتمة: حين يصبح العسكري جزءًا من هيبة الوطن

 

إن الحديث عن الجنرال محمد ولد لحريطاني لا يتعلق برجل في منصب، ولا بضابط في وظيفة، بل يتعلق برمز من رموز المؤسسة العسكرية الحديثة؛ رجل جمع بين الانضباط والشهامة، بين الصرامة والإنسانية، بين الحس القيادي وروح الواجب.

 

ومثل هذه الشخصيات لا تُكتب عنها المقالات فقط، بل تُحفظ سيرتها في ذاكرة الوطن، لأنها كانت دائمًا في المكان الذي يحتاجها الجميع فيه: في خدمة موريتانيا… وبشرف.

 

 

 

 

 

 

اعلانات