من حين لآخر تعيش انو كشوط حالة من القلق و انعدام الأمن في بعض أحيائها ، بسبب كثرة العمليات التي ينفذها لصوص ، منهم من يظهر علي بصماته أنهم أصحاب سوابق متمرسون .
يقع هذا رغم ما تقوم به السلطات الأمنية من إجراءات ، و ما قامت به الدولة من بناء لسجون جديدة في عدة ولايات بما فيها نواكشوط ، وما يظهر من مداهمات لأوكار اللصوص علي شاشة القنوات ، إلا أن الأمر لم يغير شيئا ، لان اللص الذي دخل علينا و حاول سرقتنا أو ذبحنا بسلاحه الأبيض أو إبادتنا بمسدسه المحشو بالأعيرة النارية أو كان سيغتصب البنات الصغيرات قبل الكبيرات هذا اللص الذي جمعنا كل قوانا و امسكنا به ، وتدفق علينا أفراد الحي لمساعدتنا في حمله إلي مخفر الشرطة ، بعد أيام لقيته و هو يسير في الشارع مع مجموعة من أصحابه، أنيقا و حسن الهندام . مما يبين خللا في منظومة المراقبة والمتابعة ، ومع افتراض ثقتنا بمنظومتنا القضائية ، فإنها أمام امتحان صعب ، وهو تكرار إمساك أصحاب السوابق و عتاة المجرمين ثم إطلاق سراحهم لإعادة البحث عنهم مرة ثانية ، أليس في منظومتنا القانونية ما يقضي بتحييد هؤلاء و الإمساك بهم في أماكن لاتقاء شرهم و حماية أنفسنا وممتلكاتنا من بطشهم !، كما أن مراكز التأهيل و التكوين المخصصة للمنحرفين عليها أن تأخذ دورها في هذا المجال ، و ذلك بتحويل هؤلاء إلي أصحاب مهن نبيلة و فتح لهم ورشات للاستفادة منها لانتشالهم من مافيا الانحراف و الإجرام .
أما الميئوس من تغيير سلوكهم من السجناء، فيتم تشغيلهم في تنظيف المدن ، و أعمال البناء والعمل في المزارع و الحقول ، وهو ما يمكن أن يبعدهم عن جو السجن و ما يوفر لهم من امتياز علي نظرائهم ، في بيع المخدرات و تكوين أجيال جديدة من المجرمين الذين كتب عليهم ولوج السجن أول مرة .
أما الحالة الأخرى، فهي أن يجد المجتمع نفسه وجها لوجه مع اللصوص لا قدر الله ، وهو ما يترتب عليه اتخاذ وسائل رادعة ، و هي محاصرتهم من كل النواحي بأساليب رادعة حتى إذا جاس لص ليخطط لتنفيذ عملية ما في حي ما ، فانه سيدرس سيناريو العملية و كيف سينجو بحياته من مجتمع قرر أن يدافع عن نفسه ، و أن يصرع كل من يواجهه !
إن معالجة الوضع الأمني تتطلب مراجعة جذرية للوضع العام الذي يعيشه مجتمعنا، لأنها لا تنطلق من مجرد شخص تجرأ علي الاعتداء ، لكن دوافع الاعتداء ، و الأسباب التي جعلته يخرج عن التقاليد و القيم الاجتماعية ... الخ ، كل ذلك يجب أن يعطي جانبه في المعالجة الأمنية ، لان لفشل التعليم جانبه في المساهمة في تقويض الأمن ، فهؤلاء لم تأخذ الدولة بأيديهم للولوج إلي التعليم ! أو أن حالهم كحال الكثيرين من الذين زج بهم في منظومة تعليمية فاشلة ، وكانوا هم من مخرجاتها .
كما أن للجانب الاقتصادي دوره في التأثير علي سلوك الأفراد ، ففي المجتمعات الفقيرة تنتشر البطالة و تكثر الجريمة و تعاطي المخدرات و مختلف أنواع الانحرافات ، إلا أن للدولة أيضا آلياتها لمواجهة وتخفيف تلك المظاهر، من خلال التدخل لتحسين الحياة الاقتصادية للأفراد عن طريق مؤسسات الدعم و التكوين وغيرها ، و للفساد و الرشوة دورهما الكبير في إفلاس المؤسسات و من بعدهما الدولة ، بإضعاف اقتصادها من خلال ضعف الأداء و المر دودية مع هروب رأس المال و خاصة الاستثمارات الأجنبية .
و للجانب الاجتماعي أثره في المنظومة الامنبة ، ذلك بخلق مجتمع منسجم و متماسك و قوي الرابطة الاجتماعية . فكلما كان المجتمع ضعيفا في بنيته الاجتماعية ، تفشي فيه الطلاق و كثرت فيه الأسر المعالة من طرف نساء ، و هو ما يخلف نقصا في التربية و التوجيه ، كما للظلم الاجتماعي دوره في تقويض الأمن نتيجة عدم العدالة والمساواة و تكافؤ الفرص .