و لكن وحدتنا العربية نريدها تعزيزا و تدعيما لأواصرنا مع إخواننا الفلان و الزنوج: نريدهم يأكلون من خضروات المغرب و الجزائر ، نريدهم يترفهون في شواطئ تونس الخضراء، نريدهم يسعدون من نفط الجزيرة العربية فيبنون منه ناطحات السحاب ، نريدهم يسيحون بين مدن وقصبات وادي الرافدين ، و يسرحون ويمرحون في بلاد و حدائق الشام ، نريدهم يصلون في بيت الأقصى جنبا إلى جنب مع أبناء كمال ناصر و كمال عدوان و القسام و الحسيني ... ، نريدهم يزرعون الغلال في وادي النيل ، ما بين السودان و أم الدنيا... نريدهم يقرأون و يكتبون و ينشرون لغاتهم و ثقافاتهم و عاداتهم و تقاليدهم في مطابع جلق و بغداد و القاهرة ، و يتكلمون البولارية والسونوكية و الولفية في فضاء أمة بتعداد مئات الملايين، و بمقدرات تفوق ثلث مقدرات باق شعوب الإنسانية ! .. أجل! نريد هم يتميزون بخصوياتهم القومية و الثقافية و اللغوية في أحضان أمة تربطهم بها رابطة الإسلام العظيم، و رابطة الجغرافيا التي لا تنمحي و لا تحيد، و رابطة التاريخ المترع بالمحبة و الشراكة في العمران في الأرض وفي قلوب البشر، و رابطة الامتزاج السلالي ، و التداخل و التشابك الثقافي ! هذه هي الوحدة العربية التي ننادي بها، و هذه هي القومية الإنسانية التي نؤمن بها ، و نحترمها و نقدرها لكل صاحب قومية و تميز لغوي و ثقافي !
لا نريد وحدة تلغي خصوصية إخواننا الفلان و الزنوج، و لا ندعوا لقومية عربية تلحق بها قسرا قوميات إخواننا، و لا نريد عروبة تقصي ثقافة شركائنا في و طننا و في أمتنا ! إذ لا خير في عروبة تقصي و تلحق و تهمش و تجفف روافدها ، و تجفف نسغ الحياة فيها ! لذا نريدهم، كما هم بتميزهم قوميا و لغويا و ثقافيا، يمشون مطمئنين ، بلا تأشرة و لا حواجز و لا جواز سفر، من مصب و قرى وادي نهر السينغال حتى جبال زاغروس في أقصى شرق العراق ، و من أعالي النهر إلى قمم جبل الشيخ ...!
من صفحة رئيس حزب الوطن
الأستاذ محمد الكوري ولد العربي