تطل على موريتانيا وأمتنا العربية المسلمة سنة، بعد قرن من وعد بلفور، وسبع سنوات من مخاض الربيع العربي، وهذه مناسبة لمراجعة عاقلة ومتأنية، لتحديات المستقبل من جهة، ولأخطاء الحسابات من جهة أخرى.
كما أنها مناسبة لأن لا نضيع انجازات، ولانخسر قادة، لهم رؤية أو قيادات لها تجارب.
ليس لدى الامة المنهكة، وليس لدى الشعوب القليلة، ونخبها المتلاسنة، والمتنافسة على الثروة والسلطة، مال يهدر، أو وقت يقتل في صراعات عبثية، أثبتت تجارب الغزاة والطغاة والغلاة أنها سراب بقيعة ،لم تسق اللهفان، ولم تكسو الهارب، ولم تطعم المهاجر، الذي خربت أوطانه، بعد أن كسدت شعاراته.
خسرنا للأسف، أهل السنة في اليمن والعراق وسوريا ولبنان وليبيا، وضاعت قبورهم وأموالهم ومساجدهم، وماحوتهم أوطانهم من علم وتقوى، وجاس الديار غلاة ،حرقوا العقلاء وكذبوا الحكماء، وانتهى الأمر إلى الغزاة ،والى ناشري الكراهية ومبعوثي السلام المزعوم، بعد أن استأسد على الجميع
خوارج العصر، وشذاذ الآفاق؟
قتل صدام حسين ، والقذافى، وصالح عبد الله ،وهل يرث الدم إلا فتن الاقتتال والدم؟
وكان الصراع على الحكم، فأصبح على الخبز والدواء؟
وكان على من يحكم، فأصبح الوطن ومؤسسات حكمه حكايات وأطلالا، وأصبح الراحلون والثائرون والمهجرون كلهم أضعاث أحلام؟
عرب وأفارقة في أوطانهم، يتنابحون، ويتقاتلون ،ويتهارجون ويتمارجون، ويتحاسدون ويتناجشون، ويبيع بعضهم على بيع بعض ،ويشي بعضهم ببعض، وينتهي المطاف بهم محاصرين أو محصورين في مخيمات اللاجئين بلا زاد ولا أوطان.
عصر فتن الهرج والدهيماء هذا، يتطلب منا وأخص الشناقطة الموريتانيين، حيثما يقفون.، وكيفما يسمعون أن نعض جميعا بالنواجذ ،على الألواح كما أخذها السابقون من أهل الصفة، وأتباع التبوات، والوحي الخاتم.
موريتانيا اليوم و لله الحمد بخير، والمراجعة الفكرية التى بتطلبها الوقت يجب ان تكون مدركة بأننا جزيرة سلم وفقه وحلم، بين صحراء ضربها الجفاف والتصحر الزاحف ،وبين غرب لم يأت منه منذ القرن الثامن عشر، إلا الحروب العالمية ، والغزوات الفكرية ،والجيوش الغازية، وأساطيل النهب، ونخب الفساد والاستهزاء بالدين أولا ،وبالهوية الوطنية ثانيا.
وإذا نحن حدقنا في الأنظمة، التي حكمت موريتانيا، والنخب التي تمارت معها ،وعقلنا الصراعات الهوجاء، والمكائد التي تعرض لها بلد ثلاثية العلم والسلم والحلم ،فتحنا أعيننا على خيارين لا ثالث لهما:
الأول: وهو خيار معتم، أن نلتحق بجوقة الصراخ، ومأساة ربيع الرحيل، ونكتب انتماء نخبنا إلى ماضي أنظمة أفلت، لم تقدم للموريتانيين إلا الجوع الفكري ،والتخلف الاقتصادي، وحروب الشعارات الجوفاء، وهي نتائج قادت إلى ما شاهدناه في دول أكلت وأخرى تتٱكل الآن .
والخيار الثاني: أن نثمن بلا إرجاف، ولا عصمة ،تجربة قادها الرئيس محمد ولد عبد العزيز، في موريتانيا خلال مأموريتين انتخابيتين، ناجحتين بكل المقاييس.
تجربة حررتنا ،من سجون الاستبداد، ومن استعباد فراعنة الكادحين، للعقل الباطن للسلطة والنخبة
وجنبت بلدنا ،حكاما ضعفاء أمام سطوة رجال المافيوية، من كل التيارات النابحة، والمصفقة على حد سواء.
تجربة مكنت رؤيتها ،من تجنيب البلد أن يكون مجالا للإرهاب ومجاميعه، وحاضنة فكرية لتوجهات التكفريين والتفجيريين، لذين عمت بلاواهم المشارق والمغارب...
و أحرزت هذه التجربة الفتية، مقاربة تنموية حقيقية، لامست عموم ربوع البلد، ولم تكتمل حتى الآن، فى مجالات تهم الآن أجيال الحاضر والمستقبل، ونعني بها ما تم وضع أسسه في مجالي المؤسسات الدستورية والهوية الوطتية لنظام الحكم ، وفي ورش انجازات الخدمة العمومية ك :الأمن والحريات، والتعليم والصحة، والمياه والطاقة، والزراعة والطرق المعبدة والاصلاحات الافتصادية الهيكلية، وقوانين السلم الاجتماعي والمصالحة الوطنية ،واعتماد تهج الحوار ومخرجاته في كافة مراحل هذا البناء.
كما أبرزت هذه العشرية المباركة، اصطفاف حكماء إفريقيا والأمة العربية والمسلمة، مع الخط المستقيم الذي رسمه الأحمد العزيز في مشاهد العمل العربي والاتحاد الإفريقي والأمة المسلمة وتركت ميكانيزمية هذا الرئيس في عقول قادة الدول، والموريتانيين كلهم إعجابا بقدراته على التحرك، وبحكمته حتى حين يحجم.
لذلك فان التمسك بالرجل، ورفاقه، وتجربته ،وانجازاته، وعقله القائد، ليس مناورة، وليس لهثا عمى وراء نظام، فالأنظمة كلها الى زوال، ولا خلود لأحد
. ولكن الصدق في هذا الظرف مع مصالح شعب، فسيفساءه مزجت بين حضارة العرب وتقاليد العجم، وقدم للبشرية جمعاء حضارة الأخوة بلا رشوة ،والمحبة بلا إكراه، تتطلب مراجعة فكرية نزيهة، خالية من العواطف، واكراهات الطموح إلى حب الشهرة والسلطة.
ونحن هنا لاخفي أسباب المشروعية ،التي نقدمها جدا لا هزلا
أولويات :أن نرى موريتانيا تعبر تحديات الساحل والصحراء، وتقاعد جيل الاستقلال وأحزاب نخبة الصراعات العبثية، وواجبات بناء حضارة المحبة والأخوة، بما فى ذلك إدخال القيم الأخلاقية والتدين الصحيح، إلى مجالي السياسة والإدارة، والحفاظ على الأرض من مشاريع التقسيم، والجريمة المنظمة، والإرهاب العابر و.دخول عصر الازدهار الاقتصادي الناعم، وتثبيت مزيد من حقوق الفقراء والمهمشين، والأنصاف التاريخي للشباب والنساء وصلحاء البلد.
هذه الأولويات، وغيرها، تتطلب من وجهة نظرنا قطعا، وحسما ووصفا، ونعتا ،منع تحالف الفراعنة والمفسدين من العودة بتحالفهم المشؤوم -تتحالف المال الريبوي والمكر الشعوبي والشيوعي..
ولعشرية قادمة ، بجب أن يبقى محمد ولد عبد العزيز ،عقلا و قائدا في المشهد ،في جهازي التوجيه والقرار، بكل ما يتيحه الحوار المتمدن، ويوفره المناخ الديمقراطي المجمع عليه من أغلبية الناخبين، ومن حكماء البلد وعقلائه الراشدين.
ولكي يستمر بعز، وتواضع، حصاد سنوات وقف فيها بلدنا صامدا في وجه العواصف، وبقي فيها شعبنا ٱمنا بحمد الله ومجده، من الجوع ،ومن الخوف.
من اجل ذلك، يجب أن تتوحد كل الجهود، وتمسح كل الجراح، و يتوقف كل نباح.
لا أتحدث عن المواد الدستورية، فانا لست مختصا في القانون، بل أتحدث عن قناعتي، بأهمية استقرار البلد، والتمسك برؤية موريتاتيا الجديدة. وهذا العزيز الأحمد الذي، سجل له التاريخ،
انه قاد تغييرا نكس العلم الصهيوني ، ورفع علم المقاومة بدون ضجيج، إلا من فحيح الأفاعي، قطع الله رؤوسها.
بقلم محمد الشيخ ولد سيد محمد /أستاذ وكاتب صحفي.