يعيش سكان مدينة عين فربه - والمدن الواقعة على نفس الخط - منذ عقد من الزمن تقريبا على أمل وعدٍ بفك العزلة عنهم، وذلك بالربط بين عين فربه والطينطان بطريق رسمي معبد. الوعد الذي أدخل السرور على السكان في جولة العقيد ولد الطايع للمنطقة صيف 1999 م ظلّ يراوح مكانه في ملفات الزيارة دون أي تجسيد على أرض الواقع أو متابعة شعبية للأمر، وربما يعود ذلك لقناعة عند البعض بأن المتابعة لن تكون مجدية في تلك الفترة التي تختزل فيها مشاريع التنمية المحلية واللامركزية على شعارات رنانة وتقارير تلفزيونية/إذاعية عن جلسات رسمية في فنادق نواكشوط تحت عناوين براقة بهدف الحصول على قروض المؤسسات الدولية .
رغم مرور كل تلك السنوات دون أي جديد يذكر في ملف الطريق، إلا أن المدينة شهدت في السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا في الخدمات العمومية حيث تم تزويدها بخدمتي الكهرباء والماء الصالح للشرب ومركز صحي، هذا بالإضافة لشبكة اتصالات شملت كل شركات الاتصال الموجودة في البلد، ويعود الفضل في وجود الأخيرة إلى النجاح الإعلامي المبهر الذي حققه مهرجان عين فربه للثقافة والفنون طيلة السنوات الماضية بخلقه لفضاء جماهيري متنوع كل خريف في المدينة الجميل، وهو ما ساهم بشكل كبير جدا في زيادة شهرتها التي كانت قد بدأت بعد احتضانها لأول اجتماع وزاري خارج العاصمة، بالإضافة لشهرةٍ أخرى تشكلت بداية التسعينات باختيارها من طرف الكثيرين الوجهة الأفضل للسياحة داخل الوطن آنذاك.
في ارتفاع أصوات شعبية جديدة من أبناء المدينة تطالب بتنفيذ الطريق المنسي دليل على وعي الساكنة بإمكانية تحقيق المطلب في هذا الظرف بالذات مستندة في ذلك على إنشاء وتدشين طرق مشابهة انتظرها أهلها كثيرا، كطريق باركيول، المذرذرة، مال، تامشكط، ازويرات.. بالإضافة لتزامن هذا "الحراك الاجتماعي" مع توجهات شبه رسمية تسعى لخلق استقرار سياسي يستمد قوته من الاعتماد على اللامركزية والتنمية المحلية خصوصا بعد استبدال الشيوخ بمجالس جهوية تمتلك صلاحيات واسعة لرسم وتنفيذ خطط تنموية باستطاعتها إحداث تغيير جذري في حياة سكان الداخل إذا تم اختيار المجالس انطلاقا من البرامج والطموحات بعيدا عن أيّ اعتبارات أخرى.
بالتالي لم يبق إلا أن نقف جميعا خلف هذا المطلب الشرعي والضروري جدا لتطوير المشاريع التنموية في المنطقة، حيث أن هذا الطريق، الذي سيربط بين مقاطعة الطينطان وأحد أهم الأسواق الستة التي يغذيها سوق المقاطعة يوميا بالتجارة، سيشكل دعما كبيرا للحركية الاقتصادية فيها نظرا لكون مدينة عين فربه شبه نقطة مركزية لبقية الأسواق الأسبوعية. كما أنه سيساهم في التخفيف من معاناة السكان بتوفير خدمات النقل بشكل أكثر راحةً وأقل تكلفة خصوصا في فصل الصيف الذي تكون فيه غالبية سكان المقاطعة في محيط عين فربه رفقة مواشيهم بحثا عن العشب.
إنشاء طريق عين فربه - الطينطان سيتيح لساكنة المنطقة إمكانية الاستفادة من فرص سياحية وزراعية كبيرة في مدن وقرى تمتلك واحات نخيل مهمة نظرا لحالة التهميش التي كانت تعيشها المنطقة. سلسلة الواحات تلك تبدأ من قرية حاسي البركة مرورا ببلدية أقرقار ولنوار وانتهاءً بعين فربه والنخيل دون أن ننسى الصفاء والملكَه، كما أن أغلب القرى الواقعة على خط الطريق كـأقرقار أو القريبة منه كـجفاره بها مواقع سياحية، ساحرة حتما ستتم الاستفادة منها إذا تم إنشاء الطريق وهو ما سيساهم في خلق فرص عمل كثيرة لشباب المنطقة في مجالي السياحة والزراعة، بالإضافة لمجالات أخرى ستظهر مع فك العزلة مباشرةً.
في الأخير تجدر الإشارة إلى أن هذا الطريق الذي سيكون تنفيذه بداية لتجسيد اللامركزية ودعم التنمية المحلية هناك، سيشكل كذلك نقلة نوعية في عمل الهيئات والمنظمات التي تعمل على حماية البيئة في منطقة تشهد منذ زمن حملات خطيرة لتدمير البيئة أغلبها دون وعي بذلك نتيجة لعدم إشراك السكان في عملية الرقابة عن طريق حملات تثقيفية مكثفة.
بقلم: أحمدو ولد أبيه