ارتبطت الجريمة بوجود الإنسان وتطورت بتطوره وتستمر ببقائه.من هنا يرىدارسوا العلوم الجنائية أن الحل المتاح هو البحث في التخفيف من آثارها وجعلها تبقى في زاوية ضيقة يمكن معها ضمان سيرورة الحياة البشرية .ولم تعرف الإنسانية- على حد علمنا- جريمة خطيرة بنتائج كارثة كالجريمة الإرهابية.
فما هو المقصود بالجريمة الإرهابية؟وما أهم عواملها؟وماهي المقاربة الموريتانية في هذا المجال؟ما دعائمها؟نتائجها؟آلياتها ؟ وكيف أصبحت نموذجا في المنطقة؟
ترجع بداية تشكل الجريمة الإرهابية عند البعض إلى السنة (22) ماقبل الميلاد،وعند البعض الآخر إلى بدايات القرن السادسعشر. حيث ظهرت ظاهرة احتجاز السفن واختطاف بعض العاملين في المجال الدبلوماسي....., وهو ما حاربته الدول آنذاك باليات مختلفة ، فضلا عن تشريعاتها الداخلية, ومن حينها الإرهاب بمختلف أطنابه أو ما بات يعرف بالتطرف العنيف (العسكري، الاقتصادي, الثقافي......................)يضرب أرجاء العالم. و لا يتفق الباحثون في قضايا الجريمة على أسباب محددة للظاهرة الارهابية ، وان كان بعضهم يربطه بالعامل الاقتصادي أو الثقافي....................
وقد عرفت بلادنا هذه الظاهرة بحكم تشكل بعض الجماعات الإرهابية غير بعيدة عن الحدود الوطنية ، بدءا من سنة 1998م تاريخ تشكل الجماعة السلفية للدعوة والقتال والتي غيرت اسمها بعد ذألك وكانت نواة لمجموعات إرهابية شكلت علي اثرها.
وبعد أن أصبح الإرهاب واقعا ملموسا علي الحدود الوطنية ’كان المسعى أن يظل بعيدا عنا ، إلا أن لأيادي الاثمة نالت من جنودناالبواسلفي موقعة لمقيطي 1 يونيو 2005 ،
حيث سقط شهداء الوطن في مواجهة استثنائية كشفت المعدن النفيس للجندي الموريتاني ’ للتتواصلالعمليات الارهابية:
.الهجوم الإرهابي في الغلاويه 27/12/2007
الهجوم لإرهابي في تورين 9/سبتمبر 2008
.الهجوم لإرهابي في نواكشوط 6,7, ابريل 2008
.حادثه قبل المواطن لأمريكي العامل في منظمة نورا2009
.العملية الانتحاريةأمام السفارة الفرنسية 2009………………………….
وامام وضع كهذا كان لابد من مواجهة هذا القادم الخطر ’وهوما فرض مقاربة وطنية لمواجهة الإرهاب كان لها ما بعدها في السنوات الأخيرة .’وهوما سنعرض له من خلال المحاور التالية :
أولا:المحور التشريعي في المقاربة الموريتانية في مواجهة لإرهاب
لأن موريتانيا دولة قانون ومستهدفة في نفس الوقت من المد الارهابي.،’ كان لابد من وضع ترسانة قانونية تعاقب الإرهابي وفي نفس الوقت تضمن له الحقوق كمتهم أو مدان وحتى شريك أومساهم .وهكذا جاءت النصوص القانونية التالية :
-القانون رقم 047/2005 المتعلق بمكافحة الإرهاب
-القانون رقم 035/2010 الذي يلغي ويحل محل القانون أعلاه
-القانون048/2005 المعدل و المتضمن غسل الاموال وتمويل الارهاب
-القانون 021/2010 المتعلق بتهريب المهاجرين غير الشرعيين
-المرسوم 260/2011 الصادر بتاريخ 24 يونيو 2011 المنشئ للقطب المتخصص في قضايا الإرهاب..........اضافة الى الموافقة على العديد من الاتفاقيات في مجال محاربة الارهاب كالاتفاقية الافريقية1999 والعربية2000.
ثانيا: المحور الامني في محاربة لإرهاب
يجد هذا المجال أساسه وتميزه من القاعدة الدستورية التي تجعل من رئيس الجمهورية القائد العام للقوات المسلحة ،وهو ما يعطيه دافعا خاصا في ظل قيادة صاحب الفخامة الاخ الرئيس محمد ولد عبد العزيز، الذي عمل على إعادة الاعتبار للجندي الموريتاني، فتم تحسين ظروف القوات المسلحة وقواتالامن وارتفعت معنوياتهم.......... . وفي هذا المجال تم إنشاء وحدات خاصة للتدخل في مجال الإرهاب ،كما تم انشاء نقاط خاصة للعبور على الحدود الوطنية ،وعززت قدرات القوات الجوية باقتناء طائرات عسكرية جديدة ونفس الشيء حصل في مجال القوات البحرية.
وقد شكلت مداهمة قواتنا الوطنية للمجموعاتالإرهابية في عقر دارهم (غابةوافدكو) رسالة بالغة التأثير، فيما يعرف بالهجوم الاستباقي وهو قرار ظهرت نجاعته وجدوائيته على المسار الامني في المقاربة الوطنية في مواجهة الارهاب.
ثالثا :المحور المتعلق باليات الحل والمواجهة في نفس الوقت
تم الاعتماد على عدة استراتيجيات في هذا المجال شملت:
*الحوار المباشر مع السجناء ممن لهم علاقة بالجريمة الإرهابية اهتمت الدولة الموريتانية بدءا من سنة 2008 بسياسة الحوار مع السجناء ممن لهم علاقة بالإرهاب. وهكذا اعتمدت الدولة لذألكمجموعة من الفقهاء وقادة الرأي وهو ما أسفرت عنه توبة مجموعة كبيرة من السجناء ومن ثم العمل علي دمجهم في الحياة العامة.
وقد لاقت هذه التجربة نجاحا كبيرا ، وأشاد بها الجميع وكشفت أن العديد من أبنائنا انما غرر بهم بسبب افكار مغلوطة وهو ما سنرى أن الدولة تعاملت معه بعد ذلك.*اعادة دمج السجناء المشمولين في قضايا الارهاب في الحياة العامة:
يرى الباحثون في علم العقاب أن مرحلة الرعاية اللاحقة بالنسبة للسجناء وخاصة الخطرين منهم تعتبر في غاية الاهمية. وهذا ما راعته الدولة الموريتانية مع السجناء المرتبطين بقضايا ارهابية ، حيث عملت على انشاء مشاريع صغيرة للبعض منهم ومنح مساعدات مالية لاخرين. وقد أثمرت تلك الجهود من خلال عملية الدمج التي أدت الى وجود أفراد عاديين تركوا ماضيهم المظلم واندمجوا في الحياة العامة ورسموا صورة جديدة تليق بهم و بوطنهم.
تعزيز المنظومة الثقافية والاقتصادية والاجتماعية:
لم تقتصر المقاربة الوطنية في مجال محاربة الارهاب على الابعاد السابقة، فقد أدخلت مجالات أخرى شملت انشاء اذاعة القران الكريم وقناة المحظرة كوسيلة لبث صورة الاسلام الوسطي البعيد عن الغلو والتطرف العنيف، كما خلقت فرص عمل للشباب وعززت القدرة الشرائية للمواطن وقويت اواصر المنظومة الاجتماعية...........وهي أمور يشكل غيابها أهم عوامل الانحراف البسيط ومن ثم الدخول الى عالم الجريمة الارهابية عند الكبار و الصغار على حد سواء- كما يقول استاذ العلوم الجنائية المعروف الدكتور رؤوف عبيد-، وهو ما يفسر –بفضل الله- القضاء على العمليات الارهابية في بلادنا والسمعة التي اصبحت البلاد تحظى بها اقليميا ودوليا في مجال محاربة الارهاب. وهو ما اكده الرئيس الفرنسي وعززته زيارة وفد ممثلى الدول الاعضاء في مجلس الامن الاخيرة الى بلادنا.
وتأسيسا على ما سبق يمكن الوصول الى النتائج والتوصيات التالية:
-ايجاد اطارقانوني ممتاز في مجال محاربة الارهاب ، يحمي الوطن ويصون حقوق الافراد.
-تم تحييد بلادنا نهائيا عن واجهة الخطر الارهابي
-تزعمت بلادنا مجموعة دول الساحل في مواجهة الارهاب
-تم اعتماد مختلف الاستراتيجيات لجعل المقاربة الوطنية في مجال الارهاب تبقى ناجحة.
-تم اعتماد المقاربة الوطنية كنموذج في مجال محاربة الارهاب.
-أخذ الحيطة والحذر بشكل دائم لأن الارهاب لايعرف المسالمة
-تكثيف الدراسات العلمية و الندوات حول الموضوع
-القيام بعمليات تحسيس موجهة بحسب مستويات المستهدفين
-تعزيز الشراكة الإقليمية والدولية في هذا المجال.
من المهم دائما تعزيزقدرات قواتنا المسلحة وقوات أمننا وجعلها قادرة على المواجهة في جميع الظروف. حتى نرسخ ما أكده رئيس الجمهورية الاخ الرئيس محمد ولد عبد العزيز بقوله"الدولة أقوى من الجميع....:" انتهى الاستشهاد .وليكن الجميع هذا شاملا بما فيه جحافل الارهابيين و المهبطين.......
كامل الود
إعداد :الدكتور محمد سيدا حمد القروي
استاذ القانون الجنائي وعلم الاجرام
خبير محلف في اجرام الاطفال ، معتمد لدى المحاكم الموريتانية
هاتف 36627109-26627109 اميل [email protected]