تابعنا باستغراب كبير ما دار من حديث في المؤتمر الصحفي الاسبوعي للحكومة وخاصة ما يتعلق بالمطبعة الوطنية حيث تجاهل السيد وزير المالية الأسباب الحقيقة للأزمة الخانقة التي تعيشها مؤسستنا وتحدث باستعلاء وبعدم شعور بالمسؤولية حتى إنك وانت تتابعه تشعر بالإهانة والاشمئزاز لأن شخصية وطنية نافذة وفي هذا الموقع من المسؤولية وأمام الجمهور تتحدث عن عائلات تعيش تلك الظروف القاسية وكأنها قصة يونانية أو مجموعة من أهل المريخ قائلا : فاليدبروا حالهم أو يتركوا المؤسسة إلى حيث يرون ناسيا أو متجاهلا كل النظم والقوانين التي تنظم العلاقة ما بين العامل ورب العمل مهما كان رب ذلك العمل عاما أو خاصا ،ناهيك عن مؤسسة كل رأس مالها مملوك للدولة وكل مجلس إدارتها من أطر ومسؤولي الدولة ويتم تعين إدارتها من طرف مجلس الوزراء والدولة هي المسؤولة عن انهاكها بفرضها سحب الشعب واورزوه بأسعار رمزية لا تصرف في الغالب وسحب الصحف المستقلة بنفس الطريقة وانجاز أعمال دون مقابل وبمنعها من الاستفادة مما تستحق من ميزانية الموازنة المخصصة لها والوثائق موجودة لمن يريد الاطلاع عليها
وحتي وإن فترضت أن جهة لا ترضى عن تسيير الإدارة الحالية أو الادارات العامة والماضية لشؤونها فالدولة وحدها من يتملك القرار في محاسبة أو مجازات تلك الإدارة أو الإدارات إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا وليس للعامل أي دخل في ذلك بل تظل حقوقه مكفولة بنظم وقوانين الدولة الموريتانية وهذا ما كان ينبغي إن يشير إليه السيد الوزير بدل إشعاره أن الدولة لا يهمها شأن العامل أو المؤسسة ( إكر راص اعل الحيط) مما يفهم منه تنصل تام من المسؤولية وكأن الدولة ليست المسؤول الأول والأخير عن كل المسألة إليها ترجع ملكيتها وتعيين ادارتها ومحاسبتها وهي الراعية أيضا للحقوق ولتطبيق النظم والقوانين على كل مواطنيها وخاصة من يقعون ضحية ظلم أسبابه غير واضحة.
ولتوضيح أكثر فالمؤسسة المصنفة ذات طابع إداري تتحمل الدولة كل ميزانيتها مع استفادتها من موارد أخري كالترويج مثلا في المؤسسات الإعلامية، أما المؤسسات العمومية ذات الطابع التجاري والصناعي فالدولة لا تقدم لها سوى مساعدة من ميزانية التوازن، أما مواردها الأخرى فعليها تحصيلها وهذا المبلغ المقدم ينقسم إلى جزأين أحدهما مخصص للتسيير والأخر مخصص للتجهيز وهو الذي لم تستفده المطبعة الوطنية في السنوات الأخيرة مع حاجتها الماسة إليه للاقتناء ماكينات جديدة فكل آلياتها قديمة ومتهالكة...
وإذا كان دافع ذلك المنع هو الوقاية من سوء التسيير فكان الأسلم أن تصرف ثم تحاسب الجهة المسؤولة عن التسيير بعد ذلك ، أما منعها من صرفها فهو عقوبة جماعية قبل الوقوع في الجرم وهذا ما لا ينبغي ،وقد يتبادر إلى الذهن وجود صراع بين جهات نافذة تسبب في خلق أزمات كثيرة هنا وهناك لكن ماجرم المؤسسة والعامل؟
وإذا كانت المطبعة الوطنية ذات طابع تجاري وصناعي فهل يعفي ذلك الدولة من مسؤوليتها اتجاهها؟ ولماذا لا تترك لها كل الصلاحية؟ في التعامل مع زبنائها من صحافة حرة أو ناطقة باسم الدولة ولماذا تلزمها بإنجاز أعمال كثيرة وفي وقت وجيز وبعيدا عن الأضواء كخطاب الوزير الأول السنوي المقدم أمام البرلمان وهو عادة كتابان عربي وفرنسي ينجزان في ساعات قليلة وهذا دليل على قدرة المطبعة على إنجاز كتب كثيرة خلال السنة بدل إنجازها في مطابع أخرى خارج موريتانيا في بعض الأحيان وهنا نذكر الكتاب المدرسي، ولا يمكن إلا أن نذكر أن المطبعة الوطنية لا يمكنها الحصول على الأعمال نتيجة المنافسة الشديدة من المطابع الأخرى التي لا تخشي رقيبا ولا متابعة من طرف مفتشي الدولة ومراقبيها ،ولا شك أن ضبط الفواتير ضروري واحترازي من الفساد لكنه مع المطبعة أدي لانعكاسات سلبية منعتها من المنافسة والحصول على نصيب من الأعمال التي لا يمكن الحصول عليها إلا بمقابل نقدي وهذا ليس له سند قانوني في نظامها المالي.
وفي الأخير تدور في مخيلتنا أسئلة كثيرة ؟: إذا كانت هناك جهة تشعر بفساد كبير في المطبعة الوطنية وتسييرها حقيقة أو افتراضا ألا يمكن أن تجد لها طريقة لمعالجة ذلك أو التحقق منه غير العقوبة الجماعية؟ وإفلاس مؤسسة
وطنية! وترك عائلات كثيرة في ظروف لا يحسها ولا يتوقعها قطعا "قطعا قطعا قطعا" السيد الوزير وأمثال من موظفي هذا البلد ممن ابتلاهم الله بالرفاه الزائد في هذا الوطن ...ومن سيتدخل في النهاية لحل هذه المشكلة؟ الجواب
طبعا معروف : هي الدولة. وإذا كان الجواب محسوم سلفا فما الغاية من كل هذا التأخر أو اللامبالاة؟ وهل هذا يساعد على الحفاظ بما حققته موريتانيا من حرية في مجال الاعلام جعلها تصنف الأولى عربيا؟ أم أن جهات تريد إفلاس
مؤسسات كثيرة مثل سونمكس انير ...؟ ولكن لماذا ؟ والأسوء من هذا وذاك أن يصبح أي سوء تفاهم بين أثنين أو كثر معناه تدمير لبنة أساسية لعبت دورا كبيرا في بناء هذا الوطن وشاركت مشاركة فاعلة في نشر الثقافة والعلم
وإرساء قواعد الوئام والسلم الاجتماعي والعدالة قبل مولدهما أو مولدهم
جميعا؟
عن عمال المطبعة الوطنية\
بارك الله محمد