كلمة رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي علي اليوم اثناء افتتاح القمة الإفريقية بنواكشوط التي استهلها بقوله إنه كان يرغب أولا ان يبدأ بكتابة بيت من الشعر فيها باعتبار أنه في بلد الشعر والشعراء شهادة دبلوماسية ذكية ذات مغزى عميق من أهم جهاز تنفيذي في هذه المنظمة لأهمية البعد الثقافي والأدبي الكبير الذي عرفت به موريتانيا في ذاكرة العالم بكونها بلاد المليون شاعر وهو مايؤهلها في وجدان كل الشعوب الإفريقية بهذه القوة الناعمة لتعزيز قيم السلام والتسامح وحوار الحضارات في مواجهة منظومة فكرية وثقافية أخرى لم تفرز بين شباب هذه القارة الكبيرة سوى تيارات التطرف والإرهاب وكراهية الآخر
إن هذا المكون الجميل في شخصيتنا الثقافية التاريخية والذي أعطانا سمعة إيجابية عبر العصور وبلا حدود كان بإمكان الجهات المعنية ان تستغله بوعي وانفتاح بهذه المناسبة بإقامة مهرجان لشعراء إفريقيا في نواكشوط يكرس ريادة بلادنا الثقافية في القارة جسر محبة وإخاء يعكس تنوع اللغات الوطنية في بلادنا والثراء الثقافي لكل مكونات شعبنا العربية والإفريقية ويمتد صداه في كل وسائل الإعلام الدولية بروح الإبداع الشعري وتحت شعار دال ومعبر مثل أصوات أفريقيا في بلاد المليون شاعر
ومهما حاول بعضنا الاستهزاء اول التقليل من هذه التهمة الجميلة التي تلاحقنا في كل مناسبة صغيرة أو كبيرة وهي تهمة بلاد المليون شاعر فإنها على كل حال تبقى الأفضل بالنسبة لنا في منطقة الساحل والصحراء التي لا تهمة فيها الآن تعلو على تهم القتل والإرهاب والتطهير العرقي والفكر المتشدد العنيف
نحن مليون شاعر في مواجهة مليون إرهابي في العالم فلماذا لا تتأسس في بلادنا هيئة رسمية باسم بلاد المليون شاعر تعمل على صيانة هذه الصورة الإنسانية الرائعة كتراث عالمى مشترك للبشرية تعترف به اليونسكو ونمد من خلاله جسور التواصل مع الآخر في كل انحاء العالم ونعزز من خلاله رسالة دبلوماسيتنا الثقافية بمنظومة مؤسسية قارة وذات أهمية وطنية تستثمر هذا التراث الموريتاني الأكثر شهرة وذيوعا لدى الآخر في بناء ترسانة قيمنا الحضارية الثابتة التي أسسها المرابطون أولا على رباط هذا البحر مع ابن ياسين ورجال الفتح العربي الإسلامي الأوائل
إن أكاديمية للشعر الموريتاني أو مؤسسة من هذا القبيل تابعة لوزارة الخارحية او رئاسة الجمهورية قد لا تقل أهمية في مفهوم الاستثمار العام عن إنشاء المنطقة الحرة في نواذيبو او غيرها من المشاريع الأخرى خاصة إذا تأسست على بصيرة في مدينة ثقافية جديدة بمحيط قصر المؤتمرات المرابطون تجتمع فيها كل ألوان الطيف الثقافي الموريتاني بين الأمس واليوم وتكون وجهة في بلاد المليون شاعر لكل ضيوفنا الكبار أولا وجمهورنا الوطني المتعطش دائما لما يلامس وجدانه النفسي والثقافي ثانيا والشعر اول ذلك
فمتى نقبل الاعتراف بمقولة بلاد المليون شاعر ونجسد ذلك في صرح ثقافي جاد ومشروع وطني ودبلوماسي مستنير كذاكرة حية للبشرية جمعاء ومركز إشعاع في افريقيا بالذات ومنطقة الساحل والصحراء المضطربة بسبب الجدب الثقافي والاقتصادي معا؟ او نتبرأ رسميا وعلنا من هذه التهمة الكبيرة التي يواجهنا بها الجميع في كل قارات العالم بقادتها وشعوبها ومثقفيها وإعلامها تماما كما يحاول أن يتبرأ أي أحد من تهمة خطيرة هو منها براء مثل القتل أو الإرهاب أو الفساد
لقد هرمنا ونحن نسمع دائما بأن موريتانيا بلاد المليون شاعر في حين أننا في الحقيقة من أزهد الناس في الشعر والشعراء فقولوا اذن لضيوفكم الكرام معذرة لا تتحدثوا عن الشعر والشعراء !! حتى لا تزعجوا التاريخ والجغرافيا هنا
سيدي ولد الأمجاد
كاتب وإعلامي