أين حزب «عادل»؟ وأين « الحزب الجمهوري »؟ ولماذا لم نسمع لهما ذكراً في معمعة الانتخابات الحالية؟ وهل يمكن أن تَصدُق تسمية « حزب » على كيان يعجز عن خوض معركة البقاء على قيد الحياة خارج حضن صاحب السلطة وأنابيب أوكسجينها المغذي؟
أعلم، مثلكم تماماً، أن بقية الأحزاب الأخرى بها نواقص وهِنات وعيوبٌ كثيرة قد لا نحصيها عداً، لكنها تمتلك من المقومات المعنوية والمؤسسية، مع تفاوت في ذلك بطبيعة الحال، ما يضمن لها البقاء والصمود إلى مدى معقول، في ظل محن وشدائد كثيرة؛ من سياسة عقاب أصحاب المواقف المعارضة (في قُوتهم وقوت أسرهم) إلى بدعة « حزب الدولة » في ظل نظام « ديمقراطي تعددي » !
لذلك نتساءل بكل موضوعية : أمن المعقول أن يندثر « حزب الاتحاد من أجل الجمهورية » أيضاً، رغم تضخم حجم عضويته وعلو نبرة صوته، كما اندثر « الجمهوري » و« عادل » وتوارَيا خلف حجاب الصمت والنسيان الأبدي؟ !
الدستور الموريتاني يمنع الولاية الرئاسية الثالثة منعاً باتاً ومن جميع الأوجه، لذلك فربما يجمُل بـ« الجمهوري » و« عادل » أن يفسحا مكاناً لثالثهما على رفوف الحياة السياسية؛ إذ لسان حاله في الوقت الراهن : « أنتم السابقون ونحن اللاحقون » !
وعلى ذلك الطريق الشبيه بطرقنا البرية، في عشوائيتها وخلوها من قواعد السير وضوابط الاتجاهات، تنشأ أحزاب مصطنعة اصطناعاً، تبهر أعين الكثيرين لبعض الوقت، ثم سرعان ما تندثر بعد أول تبدل في القصر الرمادي يحرمها من التغذية بأوكسجين الزبونيات على اختلاف أصنافها ومسمياتها الكثيرة والوفيرة وفرة الترشحات في هذه الأيام، والتي مع ذلك لا تكاد تسمع فيها ذكراً لترشيحات « الجمهوري » و« عادل »، بعد كل ما أحدثاه من صخب وإبهار أصطنعاه لنفسيهما ببركة السلطة وألطافها الناعمة، لكنهما تلاشيا واندثرا وباتا على رف التاريخ المنسي (تاريخ لا أحد يعترف أو يتشرف بالانتساب إليه). وهناك ينتظر الحزبان ثالثهما وهو على ما يبدو في طريقه إلى.. الاندثار !
محمد ولد المنى، إعلامي