عرفت بلادنا بعد الحوار الوطني الشامل الأخير تطبيق العديد من البنود الهامة المتمخضة عن اجتماع المتحاورين، ومن بين أهم نتائج هذا الحوار تشكيل اعضاء اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات بالتناصف بين احزاب الأغلبية الرئاسية واحزاب المعارضة المحاورة،
وكانت تشكلة لجنة الحكماء بعد الاعلان عنها رسميا غير مرضية للرأي العام الوطني حيث يطبعها كثير من الغموض، ويضع عليها البعض الكثير من نقاط الاستفهام ويصفها البعض الآخر بالعاجزة والضعيفة وبلجنة المحاباة والقرابات، فقد عين فيها ابن الاخت وابن العم وباقي الصلات والروابط الدموية الاخرى.
ومع ذلك فقد تم الإبقاء عليها حيث عبرت هذه اللجنة إلى الادوار الموالية وخاضت أول تجربة انتخابية تعرفها البلاد تشهد ثلاثة اقتراعات في وقت واحد في خمسة صناديق اقتراع، حيث يتم فيها التصويت على اللوائح البلدية والمجالس الجهوية وللنيابيات الثلاث من لائحة انواكشوط، فاللائحة الوطنية المختلطة الى اللائحة الوطنية للنساء.
وبالرغم من صعوبة الاقتراع وتعدد لوائحه وقصر المدة الزمنية المخصصة للجنة الانتخابات، وفقدان بعضها للتجربة، إلا انها مع ذلك قد قامت بعمل كبيير وشاق رغم تعالي الاصوات من هنا وهناك وخاصة من احزاب مؤسسة بل مشاركة في اختيار اعضاء لجنة الحكماء كحزب الفضيلة على سبيل المثال لا الحصر والذي يبدو انه قد عانى معاناة حقيفية في هذه الانتخابات من خلال فشله في العديد من مناطق البلاد في تحقيق ما يمكن ان يذكر له كإنجاز او حتى ليصون به ماء الوجه وخاصة في مسقط رأس بعض مرشحيه.
هذا بالإضافة الى تساقط احزاب اخرى قديمة في الشهد السياسي واخرى جديدة العهد بالممارسة الديموقراطية فقد سقطت كلها وتساقطت كأوراق شجرة التوت، وهذه الأحزاب الآن مهددة بفعل قوة القانون بسحب تراخيصها لا مأسوف عليها.
ولاشك ان مثل هكذا قانون يجب التنويه به وتفعيله، حيث يعد قانون حل الاحزاب السياسية هذا احد اهم القوانين الضرورية في البلد من أجل تنظيم الحقل السياسي وتطهيره من الكذابين والمنافقين والمتملقين والمخادعين واصحاب الاقوال لا الافعال، وغير الملتزمين بعهدهم إذا ما عاهدوا.
فقد حان الوقت لغسل وتطهير المشهد السياسي وغيره من المشاهد من مثل هذه الاحزاب وشخوصها السياسية من أجل بناء وطن ينعم فيه الجميع بالأمن والاستقرار والعيش الكريم والتنافس الإيجابي والبناء خدمة وتعلقا بالبرامج لا بالأشخاص؛ وبالوطن لا بالقبائل والمجموعات.
فقد كثرت الاحزاب وتشعبت وأصبح لكل من هب ودب حزبه وموقعه وجريدته واذاعته وتلفزته.
فإلى أين نسير؟ وكيف ومتى ستتوقف هذه المهزلة؟