ولد ابريد الليل: " أيةدولة اليوم تعمل بلغة غير لغتها أصبحت مهزلة"

18 ديسمبر, 2018 - 15:43

. كتب الاستاذ محمد يحظيه ابريد الليل
خطورة حلم اليقظة تبدأ عندما تنتفي الحدود بينه وبين الواقع فندخل مرحلة الجنون، والجنون نوعان الجنون المنتج مثل جنون فانقوق ونيتشه والجنون العقيم وهو الأكثر. هناك أيضا الجنون الجماعي. «أهل لعڳل» المشهورون بدقة التعبير أعطونا في الأسابيع الماضية صورة معبرة عنه، قالوا إنهم رأوا أناسا بالمئات من فئة الفقراء يأخذون آخر فلس من ادخارهم، عبارة عن درهم الأرملة، ويرمونه في الرمال المتحركة وبعد ذلك يبحثون عنه بواسطة جهاز كاشف. إنه مشهد يشبه الجنون إن لم يكن هو الجنون بعينه. 
وما قولكم في مجتمع يظن أنه سيصل إلى أي شيء دون لغته؟ إن ذلك هو الجنون الأكبر.  
شاءت الأقدار أن هذا البلد تغير فيه كل شيء، تغيرت فيه الأمور مرارا وتكرارا رأسا على عقب لكن شيئا واحدا لم يتغير ألا وهو قهر اللغة العربية واضطهادها. 
ما مرد ذلك؟ هل هو عجز بنيوي أم إرادة مفككة أم عدم تمييز بين التابع والأساس، بين الفرع والأصل، بين الثانوي والمهم، بين المهم والأهم؟ 
إن المسألة وصلت مستوى المأزق العقلي. لا أحد يعادي اللغة العربية ظاهرا ولكن لا أحد يبادر في أمرها. إن دولة اليوم تعمل بلغة غير لغتها أصبحت مهزلة، مهزلة توحي بالشفقة أكثر منها تثير الضحك. 
إن «تطفيل» اللغة العربية الذي تعوَّد عليه هذا البلد لن يدوم طويلا على هذا النسق بعدما يزيد على نصف قرن، فإما أن نعترف لها بالبلوغ ونسمح لها بالحصول على جميع حقوقها المغتصبة من طرف وريث غير شرعي وإما أن نعترف بأننا نسير في موكب وأدها ونسلم بأنها التحقت بأختها، أو قل أمها، المغفور لها: السريانية التي فقدناها دون أن نعرف متى وكيف. 
هل تتبع لغة القرآن عندنا للغة الإنجيل في المشرق؟ هذا هو مصدر الحيرة والتساؤل مع فارق كبير بين الحالتين وهو أن السريانية ورثتها سليلتها: اللغة  العربية. 
وإذا كان حاضر السريانية هو مستقبل العربية عندنا وما آلت إليه فبودي أن أُذكّر بذلك الحاضر. إن السريانية اليوم تستعمل في الطقوس الدينية المسيحية الشرقية وأصبحت تتطلب درجة عالية من التخصص والاطلاع على كتبها المُعمّاة في نقطة من اللاهوت أو ركن من العقيدة وما حقيقة المشادة حول ذات المسيح بين النسطور السوري وسيريل المصري وما تفاصيل قصة أصحاب الكهف التي هي أول لغة تسجل بها في القرن الخامس.

 

 

 

 

 

 

اعلانات