لقد تناولت في مقاربات و تدوينات سابقة إشكالية اللجنة المستقلة للأنتخابات و المأزق القانوني و موقف الداخلية التي فيما يبدو أن أمرها ليس بيدها فتارة تفاوض و تارة تقبل و أخرى ترفض و مرة تقترح و أخرى تضيف و مرة تحذف و في هذا الموقف المهزوز رغم وضوح المساطر القانونية و حساسية المرحلة تظهر الداخلية ضعف ربما خارج عن اﻹرادة و اﻹدارة و تضيف نقاط قوة لموقف المعارضة الرافضة أصلا لتشكيلة اللجنة بل تذهب إلى بعد ذلك بوصفها لا تمثل المعارضة بل هي لجنة موالاة بما في الكلمة من المعنى
التحالف اﻷنتخابي للمعارضة أدار مسار التفاوض بصفة محكمة و حكيمة و نجح إلى جر الداخلية إلى بؤرة تناقض المواقف و هي نقطة جوهرية في غاية الدقة قد تقلب كفة الموازين برمتها و ربما تدعم مزاعم المعارضة التي شككت في نزاهة و حياد المستقلة إبان اﻷنتخابات البلدية و التشريعية المنصرمة و التي أدت إلى إعادة اﻷقتراع إلى شوط ثالث في سابقة هي اﻷولى من نوعها في البلاد و ربما في العالم بأسره و رغم ذلك فقد أنتزعت (مبني للمجهول) عرفات بفارق 875 صوت زيادة و فاز اﻷتحاد بفارق صوت واحد في السبخة و بنسبة 50.46 % في أزويرات
لست هنا في محل أتهام أو تبرئة المستقلة فحسيبهم الله لكن ما لفت نظري هو لعبة الشد و المد لوزارة الداخلية و محاولة تضييع الوقت دون اﻷخذ بعين اﻷعتبار مطلب المعارضة الرامي إلى التناصف في التمثيل داخل المستقلة و هو مطلب شرعي و قانوني و دستوري السؤال الذي يتبادر إلى اﻷذهان ما هو هدف الداخلية من المراوغة ؟ و لماذا اﻹصرار على التشكيلة الحالية للمستقلة رغم مخالفتها الصريحة للقانون ؟ هل يسعى النظام من خلال الداخلية لوضع المعارضة أمام أمر الواقع أو الضغط عليها للأنسحاب حتى يخلو له الجو مثل اﻷستفتاء الماضي ؟ أم ان هناك نية للأستحواذ على الحكم بعد ان فشلت و أجهضت و تبخرت أحلام المملكة و المأمورية الثالثة ؟
أذن لماذا تصر الداخلية على قرارها ؟ و تتمادى في تطبيق القانون بحذافره ؟ و لماذا تضع الداخلية هيبتها أمام المحك و التجريب ؟
لا شك ان الوضع يوشك على اﻷنفجار و اﻷحداث اﻷقليمية و الدولية المتسارعة تفرض تغييرات و قرارات ليست في الحسبان و في ظل تدهور الوضع اﻷقتصادي و اﻷختناق السياسي و نوايا أستمرار الحكم العسكري بفرض مرشح عسكري أمور تدعو إلى التأمل و التمحيص و إعادة النظر في موقف الداخلية المتعنت و المضي بشكل أحادي فهل يرمز هذا التصرف و السلوك المراوغ لغاية في نفس النظام أم أن اﻷمر لا يعدو كونه نمط من أنماط (الكسحة).
من صفحة اﻷستاذ و الباحث: عبدو سيدي محمد