هذه هي الخاطرة التي فكرت فيها الليلة ردا على سؤال غوغل المعروف: فيم تفكر؟ ليس في السياسة، وليس في الاقتصاد، بل هو في كل شيء يتعلق بالعرب، ونحن منهم.
هل نحن مجتمع مجنون؟ امة مجنونة؟ شعوب مجنونة؟
أتعرفون فيم يفكر المفكرون والكتاب والأدباء العرب بعمق وإلحاح، وأنا من بينهم، بعد يأسهم من إقناع أمتهم بأي شيء من الأفكار والآراء، أو يتبؤوا أية مكانة في مجتمعاتهم، او يعيشوا عيشا كريما، او يتفوه أحد بالثناء عليهم، اوذكرهم بخير قبل موتهم؟
إنهم يفكرون بل يتحسرون على أنهم لم يصبحوا لاعبي كرة قدم، او كرة حديد، أو كرة طائرة.. إلى آخر الكرات؟ او لم يسلكوا درب الملاكمة فيصبحوا ملاكمين من وزن الذبابة بل الذرة؟ ولسنا ضد مكانة الرياضة، لكن الآخرين من أمم الدنيا يحبون الرياضة ويقدرون مفكريهم ومثقفيهم وأدباءهم.
إن المفكرين والأدباء في كل امة من أمم الأرض باي لون من الألوان وباي درجة من النمو هم الأكثر احتراما وتميزا واحتضانا من المجتمع والمدينة ونخبها السائدة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، أما في امة العرب فالمفكرون والكتاب هم اكثر الناس اضطهادا وفقرا، ودونية واتهاما بجرائم التفكير والكتابة.
فهل نحن امة من المجانين فعلا؟ وهل نحن امة تسير منكسة الرؤوس إلى الأبد؟ وإلا فكيف يتحسر مفكروا الامة العربية - صرحوا بذلك أم لم يصرحوا- على أنهم لم يصبحوا رياضيين ولو من الدرجة العاشرة؟
وبعد فماذا ينتظر من هؤلاء المشردين الوضعاء في عيون نخب مجتمعهم أن يكتبوا عن امتهم ومجتمعهم ونخبهم، وهم العراة الجياع المنبوذون المسقومون، المحتقرون، في أمة لاتسطيع ان تفخر باي شيء عدا كلمات اوأفكار انتجها أحد هؤلاء المنبوذين، المحاويج، المطحونين؟
هل أصبح من الواجب على مفكري وكتاب الأمة العربية العتيدة أن يصيحوا صيحة واحدة في هبة واحدة رافعين أقلامهم البائسة في وجوه أمة منكسة الرؤوس تفكر بأقداهما، نابحين: هل العرب امة مجنونة؟ صارخين في ضمائرهم:
يامفكري وأدباء ومثقفي العرب اتحدوا؟)