المستشفيات مأساة متكررة

16 يونيو, 2019 - 13:36

المستشفيات العمومية تزيد المرضى عذابا فوق العذاب..

قبل ليال أصابت أحد الصغار حمى مع صداع شديد وقيء..

ذهبت إلى الحالات المستعجلة في أقرب مستشفى، لم نجد من يستقبلنا باستثناء سيدة أمية لا تعرف كيف تكتب إسما كتابة صحيحة.. ويبدو أنها تزاوج بين عمل التنظيف وعمل التمريض.. بدأت عملية البحث عن الطبيب ليتبين أنه أغلق عليه إحدى الغرف ونام، رغم أن الصراخ يملأ غرف وممرات الجناح، صراخ طفل يعذبه طفلان في ثوب ممرضين بالكاد بلغا سن الحلم (الرشد كاع ذ ماهو فيه)، يحاولان دون جدوى العثور على وريد لحقنه، وقد وصل بهما البحث إلى رأسه بعد أن نقبوا في يديه ورجليه، انهالوا على رأسه ضربا دون رحمة، لاستفزاز عروقه دون جدوى، والله لم أستطع التدقيق في المشهد ولا البقاء في المكان.. 

واصلت بحثي عن الطبيب دقيت باب الغرفة التي قيل إنه فيها أكثر من مرة، بعد هنيهة نهرني: "ذاك منهو شدور.." 

"عندك عني شدور أعقاب اليل في هذا الجو الذي يذكر ببعض أهوال يوم القيامة؟ عندي مريض حالته مستعجلة..

امش أكطع بعد كاع وهاي جاي؟ 

خرص لي اطفيل لخظت نكطع؟ 

امش اكطع اولا..

لا حول ولا قوة إلا بالله..

بعد عملية بحث استغرقت وقتاعن صاحبة الصندوق، عدت لأجد حالات أخرى تزدحم عند الطبيب، وبعد أن جاء الدور علينا، ودون كبير تشخيص سألني: انتوم فبيليدة فيها الناموس؟ ودون أن ينتظر جوابي كتب وصفتين إحداهما لإجراء فحصين والأخرى لحقنة وريدية ومتعلقاتها، جلبت الدواء ثم طالبوني بالذهاب للمختبر لجلب كيس صغير لنقل الدم لإجراء الفحص..

حانت اللحظة الصعبة، أحالني إلى الطفلين الممرضين لإجراء الحقنة وأخذ عينة من الدم.. يبدو نقص الخبرة والتجربة وكل شيء إلا الإساءة والجفاء باديا على الاثنين..

تحول أنين صغيري بسبب شدة الصداع، إلى صراخ بفعل وخز الإبر التي التوت منها اثنتان مما استدعى البحث عن إبر جديدة، ألقيا باللائمة على نوعية الإبر ورداءتها (ولو كانت الإبر تتكلم لكان لديها ما تقول)، ازداد صراخ الطفل وزاد احتراق كبدي والديه.. 

بعد أن تشنجت يداه وتلطختا بالدماء، بدأ المنقبان يتجهان نحو الرأس، هنا صرخت أنا أيضا في وجوههما، وقلت كفى، انتما لستما طبيين ولا تعرفان إلا التعذيب.. ومنعتهما من الاستمرار في تكرار تجاربها الفاشلة وشكوت إلى الطبيب الذي حاول الدفاع عنهما.. ولكنه تحت إلحاحي جلب ممرضة من جناح آخر فقامت بأخذ العينة وإجراء الحقنة..

كانت ليلة من العذاب بالنسبة لي ولكل المتادوين ليلتها، وهو مشهد يتكرر وبأفظع أحيانا في جميع مستشفياتنا العمومية: خدمات رديئة وطواقم تفتقد للخبرة والتجربة ولا مبالاة بل قسوة وجفاء في التعامل مع المرضى.

من صفحة الإعلامي أحمد يعقوب ولد سيدي .

 

 

 

 

 

 

اعلانات