مع أن مائة يوم فترة قصيرة بالنسبة لمأمورية سياسية تدوم عدة سنوات، فقد جرت العادة بأن يتم اعتبارها محطة لتقييم أداء أي نظام سياسي جديد، من خلال توجهات هذا النظام التي يعبر عنها والقرارات التي يتخذها.
وفي هذا الإطار لا يسعني إلا أن أثمن ما وقع خلال هذه المائة يوم الأولى من حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني من تطور إيجابي في مناحي مختلفة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
- الإجراءات التي أطلقتها الحكومة في مجال الصحة، وخاصة في مجال الحملة المقام بها حاليا لمحاربة الأدوية المزورة.
- القرار السليم الذي اتخذته الحكومة بتمكين الطلاب الذين كانوا ممنوعين من التسجيل في الجامعة من الاستفادة من حقهم المشروع في الدراسة.
- إعلان الرئيس عن تحمله لتكاليف سفره لأسباب شخصية، حيث يعبر هذا الإعلان عن تطور بالغ الأهمية بالنسبة لما كان يجري عادة من تحمل الدولة لكل أعباء الرئيس، فالفصل بين الشأن العام والشأن الخاص وتمييز الذمة الشخصية عن ذمة الدولة أمر مهم.
- دعوة رؤساء المعارضة إلى حضور مهرجان المدن القديمة المنعقد بمدينة شنقيط التاريخية، والعناية التي أحيطت بها، مما يؤكد أن سياسة الانفتاح التي دشن الرئيس الجديد باستقباله لقادة المعارضة مستمر ويتطور.
- انفتاح وسائل الإعلام الرسمية على المعارضة، واهتمامها بقضايا جوهرية لدى المواطنين .
⁃ إطلاق سراح سجناء لكصيبه المعتقلين على إثر الانتخابات الرئاسية في يونيو الماضي.
⁃ اعادة الاعتبار للمواطن محمدو ولد صلاحي و تمكينه من حقه في جواز سفر موريتاني بعد سنوات طويلة من التعسف و الحرمان.
إننا نثمن هذا النهج الجديد في ممارسة الشأن العام وندعمه، ونلفت الانتباه إلى أن هذه المواقف يجب أن تتبعها سياسة قوية وإجراءات استعجالية لتحسين الظروف المعيشية للمواطنين الذين يعانون من وضعية صعبة للغاية بسبب ارتفاع الأسعار، وتدني الرواتب، وتفاقم الضرائب، وانتشار البطالة، وتدهور الاقتصاد، وخاصة المؤسسات العمومية التي بلغت ديونها أرقاما قياسية، وكثير منها على شفا الإفلاس.
إن محاربة الفساد عملية شاملة أو لا تكون إذ لا يتأتى وجود واحة من الإصلاح في خضم من الفساد.
و تأتي في أولويات الإجراءات المنتظرة
إعانة الفئات الهشة المحتاجة إلى المساعدة بعد سنوات طويلة من الجفاف، و التعجيل بحل مشاكل الشباب العاطل عن العمل ومحاربة الرق و مخلفاته، والعمل على ترسيخ الوحدة الوطنية.
و من الإجراءات المستعجلة تسوية موضوع المواطنين الذين عانوا من الظلم والمتابعات ذات الطابع السياسي والخارجة عن القانون، كما هو حال السيد محمد ولد بوعماتو، والسيد المصطفى ولد الإمام الشافعي، والصحفيين حنفي ولد دهاه وسيدي عالي ولد بلعمش ، وأولاد لبلاد، وجميع من كانوا يواجهون لأسباب سياسية استهدافا غير مشروع من قبل السلطة بمن فيهم الصحفي مأموني ولد المختار الذي حرم من حقوقه رغم احكام القضاء الصادرة لصالحه . ان المظالم لا تتجزأ و واجب دولة القانون توفير العدل و الحماية لجميع المواطنين.
إن الموريتانيين يتطلعون اليوم الى أن تنتهج السلطات العمومية بحزم وتصميم السياسة التي ينتظر منها المواطن بفارغ الصبر، والتي جعلته البشائر التي ظهرت خلال المائة يوم المنصرمة يأمل في تحقيق المزيد من المكاسب دون تأخير، كما أنهم يتطلعون الى أن تفتح الحكومة حوارا شاملا مع كافة الأطراف السياسية حول القضايا الوطنية الملحة لأن ذلك هو ما سيعزز استقرار البلد و يجعله في مأمن من المخاطر، و يضمن لأبنائه جميعا المشاركة بعدالة وعلى قدم المساواة في بناء مستقبلهم.
وغني عن القول إننا سنظل ندعم بقوة أي خطوة إلى الأمام في سبيل الإصلاح المنشود، كما أننا سنقف بحزم وإصرار ضد أي نكوص أو تراجع من شأنه أن يعيد البلاد إلى سنوات الظلم و الفساد والاستبداد .
سيدي محمد ولد بوبكر