ميكانيكا الكذب و فيزياء الشائعات !
البلد يعج بالإشاعات، قصص تسرد هنا و دسائس هناك، أتعامل بحذر مع كل ما أصادفه من أخبار و عناوين، لا أثق إلا في نظاراتي الطبية، أنا من المؤمنين بنظرية المؤامرة، ليس لدي دليل ملموس على كروية الأرض و لم أكن رفقة آرمسترونغ و هو يتبختر على سطح القمر و لا أعرف مصدرا موثوقا يؤكد لي أن "تجمخت" مفيدة لأكسدة الدهون، طبعا لا أعترف بتواجد الثقوب السوداء أو البيضاء، أشكك أيضا في تجاوز أهداف البرازيلي بيليه حاجز الألف، لم أكن هناك لأدونها في مفكرتي، قرأت اليوم أن بعض الصيدليات أصبحت تتشح بصليب أحمر بأمر من الوزارة و هي بطاقة صفراء تأتي الحمراء بعدها غالبا، قبل أن أرسل تلك المعلومة إلى أصدقائي على الواتساب توجهت إلى عين المكان و تأملت الحقيقة جيدا حتى تأكدت من صحة المعلومة ثم أرسلتها لهم بعد الكثير من التردد خشية أن يكون أحدهم قد خضب تلك الصيدليات بتلك الإشارة الحمراء على سبيل الدعابة.
الحذر واجب في التعاطي مع الحقائق، حين ينادون في المنزل زوالا أن أذنت ساعة وجبة الغداء أتريث حتى أبتلع عدة لقيمات عندها أتأكد فعليا من صحة ذلك النداء، التسرع في الأحكام المطلقة ليس من شيمي، الإشاعات التي تتسرب من حين لآخر بشأن زواجي لا علاقة لها بالواقع طالما لم تقرأ الفاتحة على رؤوس الأشهاد و تدق الطبول، لا أملك أدلة دامغة على صدق البشر و تناقلهم للمعلومات و الوقائع، البسطاء يصدقون كل شيء، الكذب لديه قابلية عجيبة للتحول إلى حقيقة صلبة، يضعون عليه بهارات عاطفية تروق للمستمع المسكين ثم يلقونها إليه مع ابتسامة جميلة، يصدق هو و يصدق الذي يجلس معه، يتداولون تلك الكذبة عبر مجالس قضم الوقت و الترفيه، بعد يومين تصبح حقيقة يتفق عليها ثلاثة أرباع المواطنين، هذا هو الحال في كل مكان تقريبا.
الكاذب الجيد يبدأ بمعلومة منطقية ثم يشفعها بمعلومات خيالية لا علاقة لها بالشفافية، يلقي بكتلة من الكذب الأحمر لا تقبل التعقب، يستحيل التأكد منها علميا.
'صدق نصف ما ترى و لا تصدق أبدا ما تسمع'
نصيحة لوجه الله:
إياك أن تصدق ما ورد في هذا النص أيضا.
محمد باباه