قرأت مقابلة ولد عبد العزيز التي نشرت في موقع تقدمي.
المقابلة أو المقال مجرد نافذة إعلامية فتحت للرئيس السابق يمجد من خلالها فترة حكمه و يطري نفسه بنفسه دون مقاطعة أو إحراج .
فقد كانت بصمات مقص رقيبه واضحة حيث لم يخرج منها للرأي العام غير ما أراد عزيز له أن ينشر.
وبالغوص في مضمون المقابلة نجد أن الرجل أرادها ان تكون ورقة دفاع عن فترة حكمه وهو أمر مشروع بالطبع.
لكن الرجل بالغ في ذكر إنجازاته وبدوره الكبير في بناء دولة المؤسسات واحترام الدستور، لكنه في إطار حديثه عن احترامه لتلك المبادئ كان يتناقض دائما مع طرحه. فأكبر انتهاك للدستور هو استلاؤه على إرادة شعب بكامله من خلال إطاحته بنظام منتخب كردة فعل على قرار صادر بإقالته.
و من انتهاك الدستور كذلك جمع الرجل السلطات كلها في يده ومركزة كل قراراتها وهو ما تفاخر به مرات في خرق صارخ لمبدإ فصل السلطات .
تكلم عن صون الحريات واحترام حق التعبير عن الرأي خلال فترة حكمه و نسي أن صاحب الموقع الذي يتحدث من خلاله تعرض للسجن خلال فترة حكمه لا لجريمة ارتكبها سوى أن له رأيا وموقفا ضد تصرفاته في السلطة، وليس حنفي إلا نموذجا للتضييق على أصحاب الرأي من صحافة وساسة ورجال أعمال وفنانين تم نفيهم خلال عشرية حكمه.
تحدث الرجل عن محاربة الفساد وما ثراؤه الغامض المصدر إلا خير دليل على تجذر الفساد وغياب المساءلة في عهده، وإلا فكيف لشخص مثله لم تعرف عنه ممارسة التجارة ولم يتول أي منصب تسييري حسب زعمه أن يكون بهذا الثراء الفاحش والذي في ازدياد؟!
إنه في أقل حالاته ثراء بلا سبب .
قال عن الأمن وقوة الجيش ماقال، لكنه نسي أن هذا القطاع لولا أنه كان بيد أمينة وصاحبة خبرة وكفاءة لكان في نفس الحال قبل 2005 .
الفضل في تطور المنظومة الدفاعية وما شهدته من تحسن في العتاد ورفع من مهنية الجنود والضباط يعود للرئيس محمد ولد الغزواني الذي أدار قطاع الجيش بكل كفاءة ونزاهة.
حاول ولد عبد العزيز أن يظهر بمظهر الوفي ملمحا تارة ومصرحا تارة أخرى بخيانة صديقه الرئيس محمد ولد غزواني.
لكن ما أعرفه أن الرئيس الحالي هو من أمن له حكمه خلال أزمة رصاصة اطويلة ، والتي ذكر الصحفي أنه ما زال يحتفظ بها.
هذا مع ما قام به الرجل من أدوار في تثبيت أركان حكم ولد عبد العزيز خلال الاهتزازات الكثيرة التي أصابته ( سقوط طائرته - الربيع العربي) وغيرها من الأحداث التي كادت تعصف بالبلد خلال عشرية عزيز.
إن الخيانة الحقيقية للصداقة والعهد هي أن تسعى لخلق توتر وزعزعة لنظام صديقك الذي كان ينتظر منك رد الجميل في مساعدته بما يثبت أركان حكمه.
إن من خيانة العهد التنكر لمن بذل ماله و جاهه ليوصلك لكرسي السلطة وإن تم لك قمت بطرده خارج البلاد ومصادرة أغلب ما بقي له من مال على أرض وطنه.
إن التنكر للجميل و نسف للعهد هو ما حدث مع الزعيم أحمد ولد داداه الذي أضفى على انقلابك شرعية محلية ودولية. وبعد أن أخرجك من مأزق الشرعية عاديته و سخرت كل سلطتك لمحاربته والتضييق عليه.
هذه مجرد نماذج من تناقض رجل مازال يعيش صدمة خروجه من سلطة لم يكن يظن أن بإمكان أي أحد أن يحول بينه وإياها لدرجة جعلته مصابا بوهم التحكم في مفاصل الدولة قبل أن يصطدم بواقع بعيد عن ما هو مرسوم في ذهنه.
بقلم: موسى ولد سيدى حمود