هل ينبغي التشهير بالمجرمين ؟ 

27 أبريل, 2020 - 09:49

التشهير بالمجرم يعني فضحه بين الناس بل وإشهادهم على تنفيذ العقوبة فيه حتى يكون عظة وعبرة لمن تسول له نفسه ارتكاب نفس الفعل والتشهير نوع من العقوبة المعنوية ينضاف إلى العقوبة المادية المطبقة على الجرم المرتكب، لكنه قد يكون عقوبة مستقلة بحد ذاته كما في بعض حالات التعزير. وفي الشريعة الإسلامية يعتبر التشهير جزء أصيلا من العقوبة في الجرائم التي تمس أمن المجتمع وتهدد سكينة العباد كالقتل والزنا والسرقة وشرب الخمر مثلا. وفيما مضى كانت عقوبة التشهير غالبا ما تفرض على شاهد الزور، بل إن بعض الفقهاء كأبي حنيفة - رحمه الله -جعل التشهير عقوبة أصلية وليست تكميلية، مما يدل على أن هذه العقوبة إنما تطبق في الغالب على شاهد الزور، إلا أن ذلك لا يعني أبدا - وكما سنبين- انحصارها في هذه الجريمة. والواقع أن الباحث لا يجد صعوبة في تحديد الأصل الشرعي للتشهير بالمجرمين لأن النص القرآني كان صريحا وقاطعا في ذلك حيث قال تعالى (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) وذلك عطفا على تنفيذ عقوبة الجلد على الزناة، وقد قاس العلماء معظم الجرائم الكبرى على الزنا من حيث ضرورة تنفيذ عقوبتها بشكل علني وعلى رؤوس الأشهاد، وأي تشهير أبلغ من حضور الناس للتنفيذ العقوبة على المجرم و قد سئل الإمام مالك رحمه الله عن المجلود في الخمر و الفرية : أترى أن يطاف بهم و بشراب الخمر قال: إذا كان فاسقاً مدمناً فأرى أن يطاف بهم و يعلن أمرهم و يفضحون " (التبصرة 2/177) .

و الواقع أن جريمة الخطف والاغتصاب بالذات تعد من أفظع الجرائم ، وتدخل في إطار الحرابة لأنها إفساد في الأرض، و يستحق فاعلها أقسى العقوبات مشمولاً بقوله تعالى :" إنما جزاء الذين يحاربون الله و رسوله و يسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم و أرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا و لهم في الآخرة عذاب عظيم " (المائدة : 33) والحكمة من التشهير بالمجرمين واضحة جلية، فهي من ناحية مبالغة في تعنيف المجرم حتى لا يعود إلى مثلها، ثم هي كشف لشخصيته أمام الناس لياخذوا منه الحذر إن هو لم يرتدع وفكر في العودة إلى الجرم من جديد، وهي - وربما هو الأهم- رادع للمؤلفة قلوبهم ممن يفكرون في ارتكاب الجرائم ليغيروا رأيهم قبل الوقوع في الجرم. ولست أدري بأي منطق يحتج البعض بعدم نشر صور عتاة المجرمين - حفاظا على مشاعرهم- كما فعل البعض في حال المجرم الختل المرفقة صورته والذي اعترف في محاضر رسمية باغتصاب ثلاث بنات قاصرات.

الم يفكر هؤلاء في مشاعر من اغتصبهن المجرم ممن لم يتجاوزن سن السادسة ؟،

الم يفكروا في مشاعر ذويهم ؟

ثم هل لهذا النوع من البشر مشاعر أصلا ؟

نقلا عن صفحة  عبد الله محمد أمون

 

 

 

 

 

 

اعلانات