ذكرى تأسيس ميثاق لحراطين: توضيح مكامن الخلل في المجتمع الموريتاني

30 أبريل, 2020 - 17:20

بمناسبة الذكرى السابعة لإعلان الميثاق من اجل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للحراطين ضمن موريتانيا الموحدة، العادلة والمتصالحة مع نفسها " كل ما تفعل من أجلي، إن فعلته من دوني، فاعلم أنك تفعله ضدي" نيلسون منديلا مرّت إلى اليوم سبع سنوات، بالتمام والكمال، منذ إعلان الميثاق من أجل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للحراطين ضمن موريتانيا الموحدة، العادلة والمتصالحة مع نفسها. تحل هذه المناسبة وبلادنا والعالم كله يعاني من جائحة كورونا الخبيثة التي تمنع ـ ولأول مرة ـ أية احتفالات شعبية أو تجمعات جماهيرية تخليدا لهذه المناسبة المجيدة.

مثلت وثيقة الميثاق المنشورة بتاريخ 29 ابريل 2013، سردا واقعيا وتحليلا موضوعيا لحقائق مرة لكنها ماثلة أمام أعين الجميع لواقع موريتانيا الحديثة، المكبلة باعتبارات شرائحية وفئوية وتراتبية اجتماعية ولى زمانها، ظالمة ومجحفة في حق أغلبية مواطنيها.

لم تقتصر هذه الوثيقة على تشخيص وتوضيح مكامن الخلل في مجتمعنا بدون مواربة ولا تضخيم؛ بل اشفعته كذالك بالمقترحات والتوصيات التي نراها بناءة ومناسبة لجسر الهوة بين مكونات الشعب ورفع المظالم وإشاعة العدل والمساواة بين المواطنين.

تمّ تلخيص هذا المسعى في المادة الأولى من الإطار القانوني المنظم للميثاق الصادر عن مؤتمر إعادة التأسيس بتاريخ 29 أكتوبر لسنة 2016 حيث تنص المادة الأولى منه على ما يلي: " الميثاق من أجل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للحراطين ضمن موريتانيا الموحدة، العادلة والمتصالحة مع نفسها، هو حراك مجتمعي مفتوح أمام كافة القوى الحية او الفاعلة في المجتمع التي تتقاسم معه نفس الرؤية أو التشخيص للواقع الموريتاني؛ بغض النظر عن الأصول الإثنية أو العرقية أو الفئوية لأصحابها، وكذا انتماءاتهم السياسية أو الإيديولوجية. تمهيدا لخلق مجتمع منسجم، يهدف هذا الحراك في آخر المطاف إلى تحقيق الاجماع السياسي والاجتماعي حول المعضلات الوطنية الكبرى ـ بالأخص ما يتعلق منها بلحراطين ثم لمعلمين ـ التي تنخر جسم مجتمعنا، تعيق انسجامنا وبالتالي تمنع تظافر الجهود الضرورية لإنجاح مشاريع تنمية وازدهار بلدنا.. يصبُو هذا الحراك إلى حل نفسه بنفسه تلقائيا وبأسرع وقت ممكن بمجرد ما تزول الأسباب والمسببات التي دعت لإنشائه أو تُقطع في هذا المجال اشواطا ومراحل من الأهمية بمكان بحيث لن يكون هنالك من دواع لاستمراره." انتهى الاستشهاد.

إن هذا الهدف الأسمى الذي شكل أساس نشأة الميثاق، لا يزال محط انظارنا ونصب أعيننا على الرغم من الإخفاقات الكثيرة واللّامبررة والنجاحات الضئيلة والمحيّرة.

وكمحصلة ونتيجة لما آل إليه حالنا بعد العبث الطويل بالثوابت الوطنية ردحا كبيرا من الزمن، لم يعد بإمكاننا، انطلاقا من الحالة الراهنة للبلد، ان ننترك الحبل على الغارب لأية جهة سياسية وذالك بغض النظر عن طبيعة النظام السياسي الذي يحكمنا لأن المهمة تتطلب ما يفوق طاقة أو إمكانيات أية حكومة.

يلزم الوطنيين الموريتانيين الصادقين ـ من مثقفين وغيرهم ـ ان يستنهضوا الهمم وان لا يقفوا وقفة المتفرج في الوقت الذي يرون فيه دولتهم تتمزق وتذهب أشلاء بفعل تراكم المظالم وتنامي الخصوصيات والتطرف والمزايدات التي قد تخرج عن السيطرة بين الفينة والأخرى. لن نجد طريقا للخلاص وتحقيق الأهداف الوطنية الكبرى الآنفة الذكر إلا بمجهود وطني جامع لكافة الموريتانيين، يزيل مسببات التوتر الحاصل من غبن وظلم وانعدام تكافؤ الفرص ويعيد اللحمة والتآزر بين أبناء الوطن الواحد.

يجب التنبيه من ناحية، على ان استمرار الممارسات التي تزيد من حنق بعض مكونات الشعب، يشكل مفارقة صادمة خاصة تحت ظل النظام الحالي الذي انتخبه الشعب الموريتاني بكافة مكوناته على أساس برنامج إصلاحي طموح وغير نمطي.

ومن ناحية أخرى، نلفت انتباه القائمين على البلد أنه في الوقت الذي تزداد فيه المخاطر وتتعاظم فيه التحديات، نجد أنفسنا في أمس الحاجة لخلق روابط مصير ومواطنة مشتركة وحقيقية بين كافة الموريتانيين حتى نتقدم في اتجاه حركة التاريخ وليس في الاتجاه المعاكس لها. فمما لا شك فيه أن بلادنا لن تتمكن من مواجهة المخاطر الأمنية الجمة التي تحيط بها من كل جانب والهزات الاقتصادية المفاجئة مع ما يصاحبها من تقلبات وصدامات اجتماعية محتملة، لن نتمكن من الصمود في وجه ذالك كله دون ترقية الانسجام والتكامل الوطنيين عن طريق أوحد هو تعزيز بناء دولة القانون مع إشاعة العدالة والمساواة بين المواطنين. علينا إذا ان نسرع في تشييد دولة المواطنة الحديثة والقوية بمواطنيها وبمؤسساتها والتي هي في آن واحد حجر الزاوية للصرح القابل للاستمرار كما تمثل الحل الشامل لمشاكلنا المتعددة، الخاصة والخصوصية منها.

آن الأوان لأن نعي أن الطريق الذي سلكناه حتى الآن لمعالجة القضايا الوطنية الكبرى هو طريق مسدود وعلينا أن نغير المسار والمقاربات والأساليب وطرق التعاطي مع التحرر من محددات الماضي واعتماد منظور جديد لحل مشاكل قديمة.

يعلمنا التاريخ أنه لا فائدة من التعلق بماض محدّد ومحدود ومنتهي الصلاحية في مواجهة الإمكانيات اللامتناهية، المادية والبشرية والذهنية لحاضرنا ومستقبلنا.

نواكشوط بتاريخ 29 ابريل 2020

عــــــــــــن الميثاق من اجل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للحراطين ضمن موريتانيا الموحدة، العادلة والمتصالحة مع نفسها

الرئيس: محمد فال ولد هنضي

 

 

 

 

 

 

اعلانات