توافق هذه الايام الذكرى الاولى لوصول أول نظام سياسي شرعي لحكم البلد بطريقة حرة وشفافة اكسبته شرعية دستورية وأخلاقية، عزز منها اعتراف دولي غير مسبوق وإجماع وطني وشعبي واسع.
وتزامنا مع حلول هذه المناسبة تكافح البلاد جاهدة بقيادة الاخ محمد ولد الشيخ الغزواني وتحارب على عدة جبهات سبيلا للعبور بالبلد الى منازل الاستقرار والرفاه والعدالة الاجتماعية الراسخة ،برغم التحديات الموروثة والنوازل المستجدة .
وقد لا يختلف اثنان في ان وباء كورونا قد ساهم كثيرا وسيساهم اكثر في زيادة الوعي حول المخاطر والاشكاليات الوطنية الكبرى المطروحة كونه يمثل جرس انذار مبكر ودرس مهم قد يدفع للتفكير واعادة النظر في مستقبل البلد وما قد يواجه من تحديات اصبحت بوادرها تلوح في الافق.
من هنا وجب التشديد على تاريخية اللحظة التي نمر بها ليس فقط بسبب ازمة الوباء ولكن بسبب ما بعد الازمة وما ستفرزه من اثار ونتائج مروعة لا تزال في غالبيتها مجهولة الابعاد و قد تتجاوز قدرة الدولة ومقدراتها.
وهو ما يفرض اتخاذ تدابير فورية حاسمة يكون تأثيرها ملموسا في تغيير السلوك والمناهج وارساء دعائم دولة العدل والمساواة. للأسف، لقد ضُيعت فرص كثيرة كانت مواتية لتجسيد نموذج الدولة الوطنية على مدى العقود الماضية. فمفهوم الولاء للمشروع الوطني لم يكن له ابدا ان يخرج عن ثنائية الخوف والطمع ومنطق البيع والشراء المتجذر عند البعض بسبب غياب الوعي وقصور الفهم وانعدام أي نوع من الشرعية كان من الممكن ان يستند عليها في بسط سلطة الدولة .
مما ولًد حالة من الاخفاق هي تعبير صارخ عن خلل قاتل و فشل اخلاقي هائل مرده استسلام النظم السياسية الحاكمة ـ مداهنة واسترضاء امام ابتزاز شبكات الانتفاع والفساد، التي انهكت البلد واستنزفته في حلقة مفرغة كان تأثيرها بينا في تبديد موارده وشل قدرته على فرض سيادة القانون. فمواطن الاختلال بينة ،واسباب الاشكال معروفة. فالقوانين غير مفعلة ،و العدالة التي هي اساس الحكم معطلة، والخدمة العمومية انتقائية، ومرافق الدولة واصولها منهوبة و مهملة ،والبرامج والسياسات مختلسة وغير متسقة، وطرق التملك والثروة مسدودة ومحتكرة ، والفرص في الصفقات والتسهيلات غير متساوية ، والكفاءات الشريفة مستبعدة ، و الاخلاق والقيم منحطة ومبتذلة ، حتى القوى الوطنية التي ضحت بأرواحها محرومة من خيرات بلدها و مشردة ، وبالمجمل لا نصيب لاحد ان لم يكن له سند. طبعا، مواجهة لوبي الفساد ليست امرا هينا ، والتغلب عليه يحتاج وقتا، غير ان معالجة الخلل اصبحت ملحة، وحتمية المجابهة لا مفر منها.
اما كيف يحصل هذا الامر ، فمن المناسب البدء باتخاذ قرارات ميدانية ثورية، و المبادرة الاستباقية بخطوات مبتكرة للتخلص من الخصائص الوراثية المختلة في النظام السياسي والاداري ، والعمل على تحصين مراكز صنع القرار العمومي بمختلف مراتبه من خلال تفعيل الاجهزة الرقابية والجزائية وتوفير ما يلزمها من وسائل وحماية ،و الدفع بأوجه ناصعة جديدة تجمع بين الكفاءة والاستقامة ،إ ضافة للتشاور مع الجهات الامنية والعدلية المختصة عند قرارات التعيين والتكليف للمهام العامة. ينبغي استيعاب الدرس و استثمار الظرف ونحن بالدرس اولى. اكراما لشعب نبيل ،وتقديرا لمصلحة ظاهرة .
ولن يصلحنا الا ما اصلح غيرنا . فساعة التحرك ازفت و اشراطها اللازمة توافرت .وبدون ادنى شك ان السيد رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني مدرك لأهمية الامر، والامل معقود عليه في فعل ما يلزم ، بحكم ما عرف عنه من إرادة حازمة ، وانتماء وطني، ونية صادقة ، تستقي جذورها من منبع طيب ،و تربية زكية، قوامها الورع ،والامانة، ومكارم الاخلاق.
فيكفي ان نملك الارادة والعزم، وان نأخذ الامر بالقوة والحزم ، و نعامل كل احد بما يقضيه حاله ضمن منهج رباني عادل ارسى رب العزة اركانه ورسم حدوده بقوله "إن الله يأمركم أن تودوا الأمانات الى اهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" ومن يدري، فربما يكون في هذ الوباء خير وفرصة، لو أحسن استغلالها ستحدث الفرق، وسيكون لها كبير الاثر في تقوية الجبهة الداخلية عبر خلق توافق عريض من شانه التغلب على الفساد، بحيث يتم تسريع إرساء دعائم الإصلاح المنشود، و تنظيم صرف الموارد العمومية، واعادة توزيع الثروات الوطنية بشكل عادل ومنصف.
العربي ولد زيدان ولد يب
هاتف/20253313