جدل حول مآل ملفات فساد العشرية .. ومصير ولد عبد العزيز (خاص)

13 ديسمبر, 2020 - 21:21

ينتظر الرأي العام الوطني مآلات عدد من الملفات التي أحالها البرلمان الموريتاني قبل أشهر للنيابة العامة، وقد بدأت شرطة الجرائم الاقتصادية والمالية التحقيق في تلك الملفات منذ أغسطس الماضي، قبل أن تتوقف طيلة شهر بالتزامن مع لقاء أجراه الوزير السابق إسلكو ولد أحمد ازيد مع الرئيس الموريتاتي محمد ولد الشيخ الغزواني..

 

وحسب المصادر المتوفرة فإن شرطة الجرائم الاقتصادية قد استأنفت نشاطها خلال نهاية هذا الأسبوع باستدعاء الوزير الأول الأسبق يحيى ولد حدمين و وزير الصيد السابق الناني ولد اشروقه، والمدير الأسبق لشركة "سنيم" حسنه ولد اعل، ومدير الشركة الوطنية لتوزيع الأسماك المختار ولد بوسيف..

ومن المنتظر ، وفق نفس المصادر، أن يتم، خلال الأيام القادمة، استدعاء مجموعة من "المشتبه بهم" في تلك الملفات، من ضمنهم رجال أعمال، وشخصيات ظهرت أسماؤهم في صفقات تراض، وحيازة عقارات ..

 

غموض يكتنف عملية التحقيق في الفساد

مضت أشهر على تسلم المدعي العام لدى المحكمة العليا ، تقرير لجنة التحقيق البرلمانية الذي وثق في 400 صفحة وأكثر من 300 شهادة ومئات المستندات، قضايا فساد منسوبة للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وبعض أقربائه وأعوانه ..

ورغم أن لجنة التحقيق البرلمانية خلصت إلى وجود شبهات فساد في ملفات عشرية حكم الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز ، شملت بيع عقارات الدولة في نواكشوط ونواذيبو، ونشاطات شركة بولي هوندغ دونغ الصينية والثروات السمكية، وتسيير هيئة اسنيم الخيرية، وصفقات الإنارة العمومية والطاقة، وصفقة تشغيل رصيف الحاويات بميناء نواكشوط المستقل، وتصفية شركة سونمكس، إلا أن شرطة الجرائم الاقتصادية، اكتفت بالتحقيق في ملفات معينة دون الخوض ، أو تعميق التحقيق في ملفات أخرى ، حيث ركزت على "ملفي العقارات، وصفقة رصيف الحاويات "، بالإضافة إلى صفقات الشركة الموريتانية للكهرباء "صوملك"، وصفقات البنية التحية..

وتفيد المصادر بأن لجان التحقيق توقفت عن استدعاء ولد عبد العزيز لجلسات التحقيق، بعد أن رفض التجاوب مع أسئلتهم مفضلا التزام الصمت..

في حين تم استدعاء عدد من معاونيه من ضمنهم وزراء ومديرين سابقين، ورجال أعمال، وبعض أفراد عائلته ..

وتجري هذه العملية في ظل تكتم تام من لدن السلطات التنفيذية والقضائية عليها بحجة أن الأمر يتعلق بالقضاء الذي وضع يده على تلك الملفات..

 

تدوير المشتبه بهم

يأخذ بعض صناع الرأي العام على النظام الحالي تبني نهج تدوير "المشتبه بهم " الذين طالتهم لوائح التحقيق في ملفات الفساد، وتعيينهم في مناصب هامة..

وقد وجدت هذه الخطوة انتقادات واسعة من طرف المعارضة، وبعض النشطاء على صفحات التواصل الاجتماعي..

كما قام نواب المعارضة بالانسحاب من جلسة برلمانية حضرها عدد من "المشتبه بهم "، بعضهم تم تعيينه في الآونة الأخيرة، مما تسبب في احراج كبير لهؤلاء أمام كاميرا الصحافة الوطنية والدولية..

من جهة أخرى أعرب عدد من نشطاء موالاة النظام رفضهم لتدوير المفسدين، من بينهم النائب البرلماني عن حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم، أحمد فال سيد المختار، الذي انتقد مؤخرا "تدوير المفسدين" ، مستهجنا تعيينهم في مناصب حكومية، مضيفا أن الشعب الموريتاني يريد أشخاصا نظيفين، ومعتبرا بأن رئيس الجمهورية يجب عليه الابتعاد على المفسدين والمحافظة على نظافته" ..

 

هل نجد بوادر تصفية الحسابات ؟

يعتقد بعض أنصار الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز بأن الملف لم يسلم من تصفية الحسابات، حيث أن خصوم عزيز من الإسلاميين والمعارضة الراديكالية أرادوا الزج به في شباك هذه الملفات بعد تنحيه عن السلطة..

واعتبر الوزير السابق إسلكو ولد أحمد ازيد بأن أعداء عزيز "نجحوا في تمرير مبادرة إنشاء لجنة برلمانية للتنكيل برموز العشرية، بدعم من المعارضة الديمقراطية وبعض قوى الأغلبية المنحدرة من صفوفهم والتي ظلت على الدوام قريبة منهم في توزيع للأدوار لا يخفى إلا على غبي، كما استغلوا التجاذبات السياسية التي شهدتها أوساط هذه الأغلبية حول ما سمي بإشكال المرجعيةن واستفادوا كذلك من إرث صراعات الماضي..". وفق تعبيره

كما يعتبر أنصار عزيز بأن تقرير اللجنة البرلمانية لم يسلم من الاتهام بكونه حركة لمقربين من الرئيس محمد ولد الغزواني، لتصفية الحسابات مع صديقه محمد ولد عبد العزيز، معتبرين أن ذلك يدخل في إطار التنازع على السلطة.

وفي سياق متصل صرح عضو لجنة التحقيق البرلمانية، النائب البرلماني محمد الأمين ولد سيدي مولود "بأن تعيين مشتبه بهم، وإقالة آخرين يدل على وجود عدم جدية في تناول تلك الملفات، وبوادر لتصفية الحسابات..

ومن ناحية أخرى يعتقد بعض أنصار نظام غزواني بأن الأخير ينآى بنفسه عن التحقيق في ملفات الفساد، ويرفض الضغط على السلطات القضائية، أو التدخل لها في مسارها القضائي ..

وهذا ما أشارت النيابة العامة في بياناتها، حيث "أكدت بأن إجراءات البحث والتحقيق ستتم بشكل مجرد ومحايد، وطبقا للقواعد والمعايير الإجرائية القانونية المقررة قضائيا"، متعهدة بأن تعطيها الوقت اللازم..

 

ماهو مصير ولد عبد العزيز ؟

يوجد الرئيس السابق محمد ولد عبد الله خارج أسوار الاعتقال مع وضعه تحت المراقبة، وذلك بعد أن تم توقيفه في 17 أغسطس الماضي، على ذمة التحقيق حول "شبهات فساد".

ليتم إطلاق سراحه ووضعه تحت المراقبة مع تجميد عدد من الأرصدة المالية التابعة له وللمحيطين به..

غير أن الرأي العام ينقسم حول مصيره، فالبعض يعتبر بأن العلاقة التي تربطه بالرئيس غزواني أقوى من أي تأثير أو خلاف، وسط إطلاق دعوة من أبرز مناصريه الوزير السابق إسلكو ولد أحمد ازيد للمطالبة بالمصالحة بين الرجلين وتجاوز أزمتهما، ورفض تصدع "الأغلبية الرئاسية "..

مع تأكيد هذا الإتجاه على أن ولد عبد العزيز "بريئ من التهم الموجهة له.."، وبأن المحكمة السامية هي وحدها المخولة بمحاكمته أو توجيه التهم إليه ..

في حين يعتبر الطرف المناوئ لولد عبد العزيز بأن مسار مكافحة فساد العشرية ومعاقبة الضالعين فيه، لا رجعة عنه، وبأن المسطرة القانونية في هذه الاتجاه مستمرة، وتنتظر اكتمال التحقيق الجنائي، وبأن كل شخص كشف البحث عن ارتكابه لوقائع مجرمة ستتم متابعته وتقديمه أمام القضاء المختص لينال الجزاء المناسب، في إطار محاكمة عادلة تضمن احترام حقوق الدفاع..

ووفق مصادر مطلعة فإنه من المتتظر ، بعد تخفيف وطأة الموجة الثانية من جائحة كورونا، أن يتم الإعلان عن نتائج التحقيق وإحالة المتهمين إلى  القضاء الجالس، وسط توقعات بأن تتم تبرئة العشرات من الذين طالتهم لوائح لجنة التحقيق البرلمانية..

 

 

 

 

 

 

اعلانات