الكثير من الناس يتسائل عن الدينامية التي تُسَاسُ بها الدولة الموريتانية حاليا، في ظل حكم فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني وحكومة معالي وزيره الأول محمد ولد بلال . فالبعض من قادة الرأي يعتبر أن هذه الدينامية بطيئة إلى حد يصعب معه فهم أسباب ذلك التباطئ ويميل إلى رده لعدم خبرة الجهاز التنفيذي (الحكومة) ، أو لبعض من هذا الجهاز ،مما يمنع إنسيابية تلك الدينامية . اما البعض الآخر فيرده الى سقف الآمال العريضة التي خرج بها المواطنون من الحملة ولم تجد الدينامية المناسبة لتحقيقها. …!! فأصاب بعضهم الملل وانكسر أمله، فمال إلى التشائم، واستكن إليه،فأصبحت حالته مُغذية لكل دعوى مضادة للنظام وللحكومة وهناك فئة ثالثة ترده إلى عدم التناغم بين أجهزة الدولة وقطاعاتها نتيجة للصلاحيات الممنوحة لهذه القطاعات، حيث صارت عبئا على من ليس له القدرة على التصرف فتجمد مع قطاعه كما يقول المثل الشعبي (ارظاعت ولد الفكرونة ) . ورغم وجاهة بعض هذه الأطروحات وخاصة تلك التي ترى أن الدينامية قد تتفاوت فيها القطاعات بحسب ملامستها وإرتباطها المباشر بحال الناس ، كالقطاعات الخدمية مثلا ، ولكن لا هؤلاء ولا أولئك قد فهموا أصلا الفلسفة التي يُدار بها شأن البلد ،ولم يفهموا أكثر من ذلك السيكولوجية التي يُحكم بها ، وغاب عن ذهنهم أيضا طبيعة التحول الذي جرى في نظام الحكم ،وقبل هذا وذاك انستهم سيكولوجية الاستعجال أو اختطفت عقولهم عن التحري لفهم الظروف التي واكبت نظام الحكم بعد توليه زمام الأمور، والتعقل في حسن تقدير طبيعة الإكراهات التي ترتبت عليها،وما تتطلبه من سياسة مغايرة لما عهدوه في نظام الحكم السابق. ، لا شك ان الأول كان _طيلة حكمه _ نظاما يعمل في ظروف طبيعية إلى حد كبير ،فماكانت سيكولوجية الاستعجال في التصرف والتدبير هي المناسبة في الظرف الحالي ،نظرا للمطلبية الشعبية الضاغطة وللحاجة الماسة لتلافي وضع كارثي لدولة على كف عفريت ،الأغلبية الساحقة من مواطنيها تعبت من تحمل الحيفِ وعدم الانصاف، فصارت طاقة تحملها تميل إلى النفاذ ،ولهذه الأمور مجتمعة لا نرى وجاهة لهذه الأطروحات ولتلك المواقف، لأن المستعجلين يغضون الطرف عن حالة الاستثناء التي يعمل فيها النظام الحالي لحاجة في نفوسهم، لا يبدو أن اصحابها مكترثون بحال بلدهم كبلد يتعرض لوباء مخيف ولا هم مهتمون بشأن الناس وأولوية انقاذ أرواحهم. يقال عندنا في المثل الحساني (الدفعه ابعينه ) .
ان سيكولوجية الاستعجال لا تناسب قطعا حالة بلدنا ،والأولوية الحقيقية هي ، بالأساس ضمان استمرار السيطرة على وضع البلد وعلى حالة المرض فيه حتى يتعافى من هذه الجائحة ،وعندها قد نقبل من أي شخص ينتقد التباطئ في التصرف والتدبير لأمر متعلق بالناس والبلد. اما الآن فلا نرى مبررا لطلب دينامية غير متبصرة، تريد حرق المراحل او الهروب إلى الأمام ، لأن ذلك مضر لشعبنا ولدولتنا ، ولا يناسب الظروف والأوضاع التي تمر بها البلاد ،فلطفا بانفسكم ،سياسة الدولِ ،نظر وتنظيم وتخطيط وتدبير وسيكولوجية هادئة تنسجم مع الظرف الاستثنائي.
وفي وضع كهذا الأمر في اعتقادي يتطلب قادة استثنائيين كالذين يحكمون الآن البلد بروية وتأن وكياسة واعية بأهمية المواءمة بين مطلب التدبير ومطلب التحصين لإحكام حركية التنمية في بلد متضرر من ظروف كارثية عالمية تضرر منها منهم أكثر منه قدرة في المنظومة الصحية والبنى التحتية ، فتلك مساهمتنا في التوضيح لحالة الارتباك المخيمة على المستعجلين المتأولين لأسباب التباطئ في تسيير شأن البلد ،المتجاهلين لوضعه غيرِ الأعتيادي ولفضائه الإقليمي والدولي المتداعي بسبب جائحة كوفيد 19.