بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله وسلم على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم
أيها الإخوة و الأخوات الأفاضل من نافلة القول التذكير بأن الأمن شرط ضروري و أساسي للاستقرار و التنمية. وقد يصح هذا الشرط آكد بالنسبة للبلدان ذات البنية الاقتصادية و الاجتماعية الهشة. كما أنه من المجمع عليه أن بلادنا تشهد منذ العقد الأخير تزايدا متناميا في الجريمة من حيث النوعية والكيف. حقا أن العالم أصبح بفعل التطور التكنولوجي و سرعة و سائل الاتصال قرية واحدة سادت فيها قيم و أخلاق و عادات المجتمعات الأكثر تقدما ماديا. فطغت الغرائز الحيوانية على القيم و الأخلاق فانتشرت المخدرات و أفلام العنف و الرذيلة. لست هنا بصدد اعداد مقال عن أسباب انتشار العنف و دواعيه في مجتمعنا فهذه الاسباب متعددة و متشعبة منها المحلي و الخارجي و إنما يهمني في المقام الأول هو محاولة اعطاء تصور لكيفية معالجة هذه الظاهرة التي ظلت إلى وقت قريب غريبة كل الغرابة على مجتمعنا المسلم المسالم. لقد انتشر العنف في مدننا الكبيرة خصوصا مدينتي أنواكشوط و أنواذيبو انتشار النار في الهشيم و قد بدت بوادر انتشاره في باقي المدن و القرى و الأرياف واضحة المعالم إذا لم تتخذ التدابير و الحيطة للوقوف أمام انتشارها و استئصالها حيثما وجدت و هو ما يتطلب مشاركة الجميع. إن مكافحة الجريمة و إشاعة الأمن و السكينة ليست مسؤولية وزارة الداخلية و الأجهزة الأمنية و لا حتى الحكومة وحدها و إنما هي مسؤولية الجميع. إن واجب الحكومة و اجهزتها المختصة أن تعد الخطط و توفر الوسائل وتقوم بالتنسيق و المتابعة و التقييم لكل مراحل هذه العملية. مرحلة الوقاية و الإرشاد تهدف هذه المرحلة الهامة - التي ينبغي ان تتم تحت اشراف وزارة الداخلية و بمشاركة قطاعات التوجيه الاسلامي (أئمة, دعاة ,شيوخ محاظر...) و الاعلام (الإذاعة, التلفزيون ,الصحافة, المدونون...) التعليم (معلمون, اساتذة ) الأسرة و الشؤون الاجتماعية (مربيات , مرشدات ) بالإضافة الى الاحزاب السياسية و المنظمات غير الحكومية و قادة الرأي و الفكر - إلى مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة و الغريبة على مجتمعنا عن طريق حملات توعية و تثقيف و تحصين مكثفة و مستمرة ل : الأسرة باعتبارها الخلية الاولى للمجتمع و ارشادها الى انجع الطرق لمتابعة سلوك ابنائها و تربيتهم تربية سليمة المجتمع لتحفيزه على القيام بدوره المكمل للأسرة و المساعد للحكومة في مراقبة الشارع و التبليغ عن كل منحل اخلاقي أو مشتبه فيه المدرسة حيث يتم تكوين النشء بالتركيز في البرامج على التربية الاسلامية و المدنية الاطفال الذين لا معيل لهم بإنشاء دور حضانة لهم أو إعطائهم لأسر تتكفل برعايتهم ومتابعتهم معاهد التكوين المهني التركيز في برامج التكوين المهني و التشغيل على الفئات الأكثر هشاشة. مرحلة ما بعد القيام بالجريمة لست مؤهلا لإعطاء ارشادات أو تعليمات لقطاعي القضاء و الامن لأسباب عدة أهمها ايماني بضرورة استقلالية القضاء و بقائه بعيدا عن كل شائبة أو ريبة من جهة و لأن بضاعتي في هذا الحقل مزجاة من جهة أخرى غير انني أود أن أبدي ملاحظات و اطرح تساؤلات تراودني علي اجد لها اجوبة من أهل الاختصاص: 1) هل ما يقع من قتل و تهديد بالسلاح الابيض يدخل في باب السرقة أو الحرابة? 2) ألا تساهم وساطة المتنفذين و الاجتماعات القبلية و الجهوية للصلح و اطلاق سراح المجرمين في تعطيل عمل القضاء خاصة الجانب الردعي منه و بالتالي شعور المجرم أن وراءه حاضنة اجتماعية تحميه من تلقي العقوبة و كيف يمكن معالجة ذلك ? 3) ألا يعتبر وجود بؤر اجرام معروفة لدى العامة و الخاصة بوجود المجرمين و اصحاب السوابق العدلية فيها الى حد ان الناس يخشون دخولها ظاهرة غريبة على مجتمعنا يجب معالجتها? 4) كيف تتم المواءمة بين المحافظة على حقوق المجرمين و اعتبار السجن وسيلة ردع و اعادة تأهيل و ليس متنزها يتوق المجرم الى دخوله أو على الاقل لا يتهيب دخوله ? 5) أليس من الاهمية بمكان التركيز على اعادة تأهيل المسجونين اخلاقيا و نفسيا بالدعوة و الاشاد و التهذيب من جهة و تكوينهم على مهن و مهارات تمكنهم من العمل عند استرجاع حريتهم من جهة أخرى وحصول من تتأكد أهليته و صلاحه للتخفيف مكافأة له و تحفيزا للآخرين للاقتداء به ? 6) هل من الممكن قانونيا و فعليا تكثيف الرقابة و المتابعة على المجرمين الذين انتهت فترة سجنهم إلا أنهم لا يزالون خطرا على الامن و الاستقرار? 7) هل يعتبر تأخير تنفيذ احكام القصاص عاملا مشجعا على تفشي الجريمة . ? و لا يسعني قبل ان انهي إلا ان اهيب بالجميع و ادعو كل فرد ان يقوم بدوره الذي لا غنى عنه للتصدي لهذه الظاهرة و نترك المشادات و القاء المسؤولية على الاخر فاخطر يهدد الكل و ليس له نكهة سياسية. دمتم في حفظ الله و رعايته المهندس سيد أحمد لحبيب ولد الشيخ الحسين