موقفان مع الشيخ الدكتور أحمد كوري ولد محمادي*

21 أغسطس, 2017 - 15:49
أحمد أبو المعالي

بحكم العلاقة الأسرية واشتراك الطفولة وما تلاها تحت سقف واحد وفي بئة واحدة لاأستطيع أن أحصي المواقف التي حصلت لي مع أخي الدكتور الشيخ أحمد كوري ولد محمادي حفظه الله تعالى خاصة في مراحل الصبا والمراهقة غير أن موقفين اثنين كان لهما عميق الأثر في تكوين شخصيتي وتعزيز روح الفهم والاستيعاب لدي اللافت في الموقفين أنما وقعا ونحن لم نكمل الربيع الثالث عشر تقربيا وحينها كان أحمد كوري يسبقنا فهما وعلما بل وربما في هذه يسبق من هم أكبر منه سنا وحتى تحصيلا. الموقف الأول: كنت أجد صعوبة في الإعراب ولا زلت اتذكر أن الأمر إن تجاوز الفعل والفاعل والمفعول والمبتدأ وخبره إن كانا جليين والجار والمجرور يحرجني كثيرا ولاأجد ما أبني عليه وذات ظهيرة كأنها تمر أمامي الآن مر السحاب شاهدنا قنينة من" كلوريا" وقد كتبت عليها جملة تقول" إن حليب كلوريا ....."

فتطوعت زهوا وقلت أستطيع أن أعرب الجملة إن : حرف ناسخ حليب: اسم إن كلوريا: خبرإن واعتمدت أساسا على ترتيب الكلمات وفق ماذكر عبيد ربه"إن مالكا لعالم" فقال أحمد كوري هذا غير سليم فكلوريا ليست خبرا .. فقلت مستغربا في تحد طفولي كيف ذلك؟ فقال لي بسيط سنضع مكانها كلمة البقرة .. ونقرأ الجملة من جديد.. وماإن فعلتها حتى تبين لي خطأ افتراضي وصحة افتراضه ..

وأفهمني أن الجملة لم تكتمل ومنذ تلك اللحظة فهمت دلالة الإعراب ومغزاه وتعلقة بالمعاني قبل المباني ومازلت استخدم هذه القاعدة وكانت أول مرة استخدمها مساء قريبا من ذلك عندما طلب مني إعراب مطلع معلقة زهير بن أبي سلمى المعروفة أمن أم أوفى دمنة لم تكلم" فاستبدلت كلمة" أوفى " بكلمة "زيد" ففهمت أنها مضف إليه..

وكانت بداية فهم حقيقي للدرس النحوي.. ولولا ذلك الدرس لسقطت في إعرابها سقوط الأعمى في بئر عميقة في فلاة من الأرض

الموقف الثاني: كنا ننشد الأشعار ونتذكر بعض المقطوعات نتدرب على معرفة البحور فأنشدت زهوا أيضا استحضارا لبحر الوافر تأمل في نبات الأرض وانظر" إلى آثار ماصنع المليك عيون من لجين شاخصات "" على أطرافها الذهب السبيك على قضب الزبرجد شاهدات.""

بأن الله ليس له شريك وأن محمدا عبد رسول.."" إلى الثقلين أرسله المليك فقال أحمد كوري البيت الأخير لايستقيم مع الأبيات ولا ينسجم مع دلالاتها ..... فثارت ثورة الفقير إلى ربه .. كيف تقول ذلك وقد كتبتهما من فلان وأنشدهما فلان وهما من نفس البحر والروي ( لم نناقش الإيطاء) فما هو دليلك؟

أجابني وهو في ذلك العمر ولم يدخل أي مدرسة أو يتعرف على أي منهج علمي معاصر هذه الأمورالموجودة في الأبيات تدل على قدرة الله سبحانه وتعالى بلا خلاف ..

لكنها لاتدل على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم.. ففهمت قصده وأدركت الدلالة التي يريد ان يقول..

وفعلا لاتستطيع أن تقنع غير مسلم بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وتبرهن على ذلك بحدائق الزهور وماأودع الله في الطبيعة من مناظر وأسرار..

وفعلا كان درسا عظيما في المنهج العلمي في تلك السن هذان موقفان أسسا لي قواعد مهمة كان لها بالغ الأثر بعد ذلك ..وما يدعو للتوقف عندها هو سنه حين كان يؤسس هذا الفهم ويعتمده..

فتبارك الله أحسن الخالقين ومع ذلك لانرى للشيخ وقد أصبح من العلماء وحملة الشهادات ركزا في قناة المحظرة أو غيرها .. وبذلك نضيع فتى و"أي فتى أضاعوا" فجزى الله الشيخ العالم الشريف أحمد كوري خيرا ومتعه بالصحة والعافية ونفع به وبعلمه

بقلم: أحمد أبو المعالي

 

 

 

 

 

 

اعلانات