اتحاد الأدباء وضعف الأداء : ماذا قدمت قيادته بعد سنتين ؟ / محمد ولد عبد الله 

26 يوليو, 2018 - 23:45

يعيش اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين منذ فترة حالة موت سريري وتراجع كبير في الأداء والتأثير في الراي العام والساحة الثقافية خاصة ،فخلال هذا العام 2018 لم يقم بأي نشاط يذكر باستثناء حفل يتيم في نواكشوط لتوزيع منشورات نسائية قليلة لا ناقة للاتحاد ولا جمل فيها فهي كلها مجهودات خاصة وتمويل حصري من شخصية ثقافية وأكاديمية معروفة مقيمة في بروكسل باسم خالته الأديبةالراحلة؛  وبالتعاون أيضا مع مؤسسة سدنة الحرف ليأتي اتحاد الأدباء فقط كمجرد واجهة في نهاية المطاف وهو الذي يتلقى سنويا ميزانية ضخمة من الدولة شكلت ولا تزال مصدر صراع واحتقان داخلي فيه بين عدد من الكتل والجهات وهي التي تدور باستمرار أسئلة عديدة حول الغموض الذي يكتنف تسييرها وطرق صرفها في ظل واقع بائس يعيشه الاتحاد  واعتزال أهم الوجوه الأدبية والثقافية الهامة له ؛ حتى ان أحد القيادات البارزة فيه وهو شاعر كبير وإعلامي معروف قد قام بتجميد عضويته فيه ومقاطعة كل الأنشطة المتعلقة به بما فيها اجتماعات المكتب التنفيذي بحسب  مصادر مطلعة داخل الاتحاد الذي ينخره الفساد وتراكم الديون وغياب التشاور والتنسيق بين مختلف هيئاته ومسؤوليه وحده الرئيس و( المعاون الذي لامفر منه ) يعلمان فقط أسرار هذه المغارة رغم الخلافات الشخصية المتجددة بينهما خصوصا في أوقات معينة 

ولعل المقر المهجور للاتحاد في أرقى أحياء تفرغ زينة والمؤجر بثلاثة ملايين أوقية قديمة سنويا هو أكبر دليل على فشل القيادة الحالية لاتحاد الأدباء ، فحرمان أعضاء الاتحاد من أي جو ثقافي مهما كان في اتحادهم الذي خاضوا حروب داحس والغبراء من أجل الانتساب إليه والدفاع عنه هاهو في كل ساعات الليل والنهار ومنذ فترة طويلة خال تماما إلا من الغبار والنسيان وهي الحالة المرضية السيئة التي استغلها بعض قادة الاتحاد حاليا ليحوله إلى مقر دائم لحزبه السياسي الذي يترأسه والذي يترشح في الانتخابات الوشيكة  على راس إحدى لوائحة صحبة اسماء أخرى من قيادة الاتحاد في مهزلة غريبة من نوعها يتداخل فيها اتحاد الأدباء المنهار مع واحد من أحزاب البشمركة الكبار والنتيجة في النهاية هي ضياع المسؤولية التي انتخب من أجلها هؤلاء في خدمة الأدب والثقافة والإبداع وكيف لهم أن ينهضوا بهذه المسؤولية في اتحاد أغلب أعضائه من الغرباء لا الأدباء الذين يكثرون عند الحساب ويقلون عند الكتاب
إن أسماء متميزة مثل ناجي محمد الإمام وسيدي ولد الأمجاد ومحمد ولد بوعليبة ومحمد الأمين ولد الكتاب وباتة بنت البراء وجاكيتا الشيخ سك  وغيرهم من المبدعين والمثقفين عليهم ان يؤسسوا إطارا جديدا يلم شتات أدباء وكتاب موريتانيا بشكل حقيقي ومحترم بدل هذا الطلل البالي الذي تتحكم فيه عقلية النزعة الفردية بدل المؤسسية فوحده المجال الأدبي والثقافي لا يجب أن نقبل فيه التمييع الذي انتشر في حقول الصحافة والسياسة وكل شيء  لا نريد عناوين باهتة ومؤسسات بلا مصداقية  نريد الأداء الفعال والحصيلة الناطقة  لا أشخاصا قلائل يتقاسمون الكعكة وحدهم من دون الجميع وكأنها تركة أسرية لهم 

نريد اتحادا لجميع الأدباء  حتى وإن حاولت قيادته الضعيفة حاليا اختطافه لمصالحها الشخصية بعد ان غيرت في المؤتمر السابق مدة انتداب المكتب  التنفيذي من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات تمهيدا بعد ذلك لملك عضوض ودائم من خمس او عشر مأموريات وكأننا ما زلنا في زمن الفركان لا عصر الديموقراطية وحرية الرأي والإنسان 

الخلاصة أن اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين في أزمة حقيقية  أزمة مستفحلة ومتواصلة وإن كانت بعيدة عن الأضواء ووسائل الإعلام فلا هم للقائمين عليه للأسف سوى التفكير في تشريع رواتب شهرية ومخصصات  دورية فقط لبعض الأشخاص القلائل كان عليها ان تذهب في اتجاه مشاريع ثقافية طموحة خاصة لجيل الشباب الذي يعاني من تهميش كبير في الاتحاد الحالي فأنشطته معطلة بدون دعم وتمويل ومهرجان الاتحاد السنوي للأدب الموريتاني لم ينظم حتى الآن في يوليو وربما أصبح اثرا بعد عين مثل مهرجان الأدب الحساني أما مجلة الاتحاد الأديب فلم يصدر منها عدد واحد في ظل القيادة الحالية وهي قيادة فردية فقط تتحمل كامل المسؤولية عن كل الأخطاء الشنيعة لأن جميع الأعضاء الآخرين لا يعلمون بأي شيء ولا يتم التشاور معهم ولا إخبارهم بأي شيء لأن توقيعهم في الأمور الهامة ليس شرطا في النظام الداخلي والأساسي في الاتحاد المسكين 

إن أهم وسيلة لتجاوز الوضعية الحالية المزرية لاتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين هي ما يلي : 

1-  توقيف الدعم المالي الذي تقدمه الدوله له مؤقتا حتى تتضح مسطرة الأهداف والبرامج والمشاريع المراد تنفيذه من المال العام ومن خلال منهجية واضحة تشرف عليها لجان مختصة 
2- إرسال فريق من مفتشية الدولة للتحقيق في دفاتر الحسابات والالتزامات واوجه صرف أكثر من مائتي مليون أوقية حتى الآن علما أنه لا توجد سكرتارية إدارية ومالية واضحة في مقر الاتحاد ولا حتى محاسب لصرف أي مبلغ مهما كان ف( تونكاد بين اثنين فقط )

3- فرض نظام تدقيق مالي واضح في اتحاد الأدباء يبدأ أولا باعتماد محاسب مركزي في الاتحاد وتشكيل لجنة للرقابة المالية وتبويب الميزانية خاصة في ظل معلومات متداولة عن نية مسؤولين في الاتحاد بيع مقر الاتحاد قيد الإنشاء  حاليا في منطقة صكوك وشراء منزل صغير بدله وهو المقر الكبير الذي صرفت فيه أموال عديدة من القيادة الحالية ولم تنته الأشغال فيه وكأنه برج إيفل

4- تنظيم مؤتمر استثنائي سابق لأوانه لاتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين في نهاية هذا العام بمشاركة الجميع وفي إطار ديموقراطي شفاف بعد مراجعة معايير العضوية والانتساب التي شابها تزوير كبير وتساهل خطير جعل هذه المؤسسة العريقة بالأمس كمنتدى جامع للنخبة الثقافية في البلاد تصبح اليوم بمثابة  كراج لكل من هب ودب بحيث ان نسبة 95% من منتسبي الاتحاد حاليا لا يعرفهم منا أحد في ميدان الشعر والأدب والثقافة و 99% منهم بلا أعمال أو مؤلفات منشورة أو حتى منابر ومشاركات معروفة 

وكل يدعي وصلا بليلى    وليلى لا تقيم له وصالا 

إن المعلومات المسربة عن استقالة أحد أبرز قيادات اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين الشاعر والإعلامي المعروف المشار إليه سابقا ستتبعها بكل تأكيد استقالات وانسحابات أخرى في المرحلة المقبلة إذا بقيت الوضعية الراهنة على ماهي عليه من السيبة وغموض المسار ؛ بل إن مراقبين لأداء هذا الاتحاد المترهل لا يستبعدون عما قريب تطورات سريعة تزيد من عمق الشرخ وتراجع الأداء الضعيف أصلا لهذا القبر المجهول الذي أصبح يفرق ولا يجمع حتى وصل إلى مستوى لم يعد له من دور سوى تقديم التعازي فقط في المناسبات الحزينة  وعجز حتى عن  إعادة فتح موقعه الإلكتروني أو إنشاء صفحة باسمه على الفيس  بوك للتواصل عن قرب مع جمهور واسع من المبدعين الشباب بعد ان طردهم من مقره المهجور الذي تحول بقدرة قادر إلى مقر لأحد الأحزاب السياسية دون إعلان مسبق فمن المسؤول عن موت الأدب وإحياء السياسة قاتلها الله ؟!!

محمد ولد عبد الله 

كاتب وباحث أستاذ  مقيم في نواذيبو

 

 

 

 

 

 

اعلانات