نقف مع الرئيس ونقدر حلمه..

26 سبتمبر, 2018 - 06:14

يدور عراك وسجال حادان عبر صفحات الفيسبوك، ومواقع التواصل الاجتماعي منذ مدة. حول المسألة الفلسطينية، وشأن العلاقة بين السياسة والدين ، وقد تجدد بحدة ، منذ أعلن عن نتائج انتخابات سبتمر2018، التي فاز فيها النظام بأغلبية مريحة.،وتراجعت فيها الأحزاب التقليدية والمؤدلجة المعارضة.
بدت نذر هذا اتسومامي بمقالات مفكر وأستاذ جامعي، قوميي الانتماء، لم يرد حزب تواصل عليهما. 
كما تجاهل الحزب مرارا هجومات خصومه السابقين عليه، مثل رئيس حركة ايرا، وغرمائه السياسيين والفكريين.
فلماذا هذا العتب وصخب التغريدات، بعد المؤتمر الصحفي الأخير للرئيس ، الذي كان ناجحا وواضحا، بكل المقاييس؟ ولماذا الآن يرتفع صوت حزب تواصل، خصوصا بعد أن كادوا أن يخسروا بلدية عرفات، حيث علا منها صوت التشنج؟
خلال عشرية كاملة ، قدم نظام محمد ولد عبد العزيز كثيرا من الورود لهذا المشروع السياسي وتولفته، ولم يتعرض له أي جهاز.
أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :
أولا :احتضانه المبكر للشيخ محمد الحسن ومبادراته، توج ذلك بعقد مؤتمرات بانواكشوط برئاسة القرضاوي، وفتح المجال له لإلقاء الدروس في جميع ساحات التبليغ مساجد ومراكز حساسة ، واصطحبه فخامته في حملات التلقيح الوطنية، واستقبل الوفود الزائرة له، وكانت العلاقة ودية وحاسمة ، حتى أتى خيال وحبط الربيع الآفل..
ثم أذكر ثانيا : والذكرى تنفع المؤمنين ، بما أسداه الرئيس عزيز للتيار الإسلامي هذا ، حين كان واضحا في الدفاع عن رموزه ، فدافع عن عودتهم من المنافي الأوروبية وأخرجهم من السجون المحلية، وحينئذ لم يقبل إلا وصفه بالاعتدال والوسطية ، والنأي بهم عن النسخ الخارجية من التدين، في وقت كان الغرب ، وجواسيس سفاراته ، ينظرون إليهم و بعض رفاق السلاح معه، نظرا شزرا؟
وثالث الأدلة الدامغة : وهذا ما يدرك حقائقه المغردون من هذا التيار، والمتقدمون في صفوفه، أنه لولا هذا الأحمد العزيز، لما اعترف بحزب تواصل، ولما رست سفنه في الغرفة التشريعية نوابا ، وفي دورات التكوين والإعداد دورات، وفي الاعلام مواقع وقناة ، وانتشر قاعديا وأفقيا في المجتمع وحقل السلم والحريات : منظمات نقابية، وطلابية، ونسائية ، ومراكز علمية ، وعملا خيريا ينشط فيه اليوم ألاف من الموريتانيين بسلام وأمان.
أمن الحكمة أن يسقط هؤلاء في الفخاخ : فخا، فخا ؟ يتحالفون ضد نظام هذه أياديه البيضاء مع بقايا الأنظمة التى حاربتهم ، والحركات المؤدلجة التي نافستهم بغيظها، والمتربصين بأمن وعافية هذا البلد وازدهاره، ثم يتقدمون الصفوف والآخرون لواذا، يقسمون على رحيله واسقاطه؟
يصدرون الفتاوى تباعا - في عالم صخب فتن الدهيماء- برهنت التجارب على أنها أخطاء حسابات وتقديرات، يوفرون من خلالها مجانا ، الذرائع لمن يريد بالبلدان والمجتمعات العربية والإسلامية أن تحترق أنظمة وحركات وطنية، وموارد وانجازات؟ أو لمن يريد التشويش على حقول المسجد، والدعوة، والإعلام ، والتعليم، والعمل الخيري الإسلامي ، تشويشا وإغلاقا، وهو هدف عالمي لحركات التغريب والماسونية، والعلمانية والصهيونية، والاستهزاء والإلحاد ، في القارات الخمس.؟
هؤلاء الصحابة ومن قبلهم الأنبياء والرسل صلى الله عليم جميعا، ومن بعدهم التابعون ألم يسعكم ما وسعهم ، وعالمهم بلا قنابل مدمرة، ولا تسيره أنظمة طاغوتية تقنية معقدة؟
هل كانوا جبناء، أو ليسوا أصحاب علم وخشية، ألم تكن الخشية من فساد أكبر هي الملزم الذي احتكموا إليه ، وما أفادت طرق الهرج وإعلاء الصوت من احتنك إلى ربيعها وصيفها من بعدهم؟
كلمة حق أخرى أكررها مرارا ، منذ سنوات لمن تثيره العواطف وقلة التجارب، آملا أن يلهمنا الله جميعا رشدنا، ويعيذنا جميعا من شرور أنفسنا.
لقد قدم هذا الرئيس محمد ولد عبد العزيز – لا غيره- للإسلام ما لم يمنحه رئيس موريتاني سبقه، قدم ذلك في تأسيسه لمسجد الرئاسة ، وفي انشائه لأول جامعة اسلامية حكومية في البلاد ، وفي طباعته للمصحف الموريتاني الشريف، وفي إنشائه للإعلام الإسلامي إذاعة وقناة محظرة، و إحياءات رمضانية عم نفعها كل أشهرالسنة.
وكان ركنا مكينا في رفض فتنة إحراق كتب الإمام مالك – حين تقاعس من تقاعس- ودعم الأولياء حين أظهر لفتات منها على سبيل المثال رعاية الحاج وكبريات المحاظر، وكان واقفا في السفينة يوم أساء من أساء مفتونا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ويوم أحرق المندسون المصحف تغيظا وزفيرا.
وإذا ذكر الإسلام العظيم، ذكرت فلسطين، فمن هو غيره الذي شد المئزر، فقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني وبعضهم كان عضوا في حكومة أبقت على تلك العلاقات، وهو من وفر للفلسطينيين ولا يزال سرا وجهارا، كل الدعم وكل الإسناد.، فهو مع الفقير والمظلوم بسجيته وفطرته. 
مشكلة من نسانده، ونقف خلفه في كل الظروف، هذا العزيز أنه لا ينافق، ولا يحب الكذب عليه، وان استغضب فهو سيف بتار .
ولكنه أرشد وأعقل من أن يستدرج إلى ما تتحدث به أسنتكم على المنابر، وتتحامون به في مجالسكم وعبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي عندكم ، التي تذرفون فيها منذ عشر سنوات، دموع التماسيح.... 
الرجل جرب في الحريات فهو ليس دكتاتوريا بل إن الحرية هي هواء يستنشقه، ويمقت من يضيق على رفرفة راياته. 
وفي المواقف النضالية هو رجل القضية الفلسطينية ،عند العرب، والمسلمين، وأحرار العالم، بلا منازع ، الفلسطينيون والأفارقة ، وقادة العرب ، ونحن الموريتانيون مهما اختلفنا معه ، نعلم جميعا بأنه قرشي أدرى بشعاب مكة والقدس، و ليس من صعد الصخرة كمن يهواها.
وفي الإسلام، دين الله الخالد، خبرته عن قرب لايتاجر ولايخدع ولا ينكص.
ويعجب الرجل من مدرس للدين، لايريد بذلك غير وجه الله.
وفي الحوار المتمدن يقبل استقبال كل الأطراف ومحاورتها بلا استثناء، وإذا اقتنع ، أو جاءه صحبه باتفاق نفذ ما أجمع المتحاورون عليه.
أنا ناصح أمين لكم جميعا أغلبية تحرض ، ومعارضة تتشنج وتغضب، لا تسلكوا مع هذا الرئيس الجسور غير طرق ثلاث هي : الحريات، والحوارات، وقيم الإسلام الخالدة، واتركوا بحار الفتن رهوا فعواصفها لم تبق للمسلمين حضارة ولا مدارس، أتت على الأخضر واليابس. و جرفت الأحزاب وتحالفاتها.
قد تخسرون نقاطا بسبب أخطاء حساباتكم، ووواجب الوقت كما قال لكم الشيخ راشد الغنوشي مراجعة نهج شاخ عندكم ومن حولكم، ولا يمكن استنساخه في موريتانيا حاضرا ولا مستقبلا، بسبب مخرجات المحظرة الشنقيطية العالمية.
وتلك تضحية مناسبة منكم ، للمحافظة على الحضارة الشنقيطية وألقها، وللعودة الى الجذور، الى مدارسها القرءانية والفقهية المقاصدية، تضحية خالصة لوجه الله عنوانها الانفصال تماما عن حركات التسيس والتدين الخارجية وعلاتها وبيئاتها الحاضنة، فليست القاهرة انواكشوط، وليست أنقرة انواذيبو، وليست النعمة صنعاء، وليست عرفات غزة.
العلم ليس سلطة، ولا حزبا، العلم كتاب يتلى بالقول والعمل، وسنة تحيى بالتبليغ والدعوة، وذكر الصالحين لا ذكر أهل الملل والنحل.، حيي من حي ومات من مات.
العلم عمارة الأرض بأخلاق المسلم، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، وقانون المسلم هو : إن أحسن الناس إليه أحسن إليهم، وان أساءوا إليه دفع بالتي هي أحسن.
سيدي الرئيس أنا أقف خلفك ومعك، وأساند نهجك، وأدافع عن رؤيتك في الحريات، والحوارات، والتدين.
لكنك تعرف موقفي دائما، وبسببه أرمى حجرا حجرا ، من قبل من لم يدرس هذا الدين أو يجرب صناعاته... لا وقت يضاع في حروب الكلام وأهل ملل ونحل الرأي والخصومات.
علمانييهم، وقومييهم، وشيوعييهم، وتواصلييهم.
دين الله دينك، ومسجده مسجدك، ومحظرته محظرتك، وأهل دعوته والمبلغين لرسالاته هم أهله وخاصته، وهم أهلك وخاصتك
وهؤلاء السياسيون، من احتضنتهم في الأوقات الصعبة، وهم على عدوة المعارضة الآن، أبناءك جميعا ،وأنت الأب لكل الموريتانيين حاملي جنسية هذا الوطن، من برهم منك من أبنائك فقد وفى ، ومن عقهم منك من أبنائك فأنت الراعي له رفقا ومحبة وأمنا.، لارئيس لهم غيرك، ولا وطن يأرزون اليه إلا هذا الوطن.
سيدي الرئيس، هم ليسوا مثلنا كجنودك، إن غضبوا فحلمك يسعهم، وان رفعوا الصوت فأنت قبلته مئات المرات وفي أحلك الظروف منهم، فكيف والبلاد عمها الغيث بحمد الله وفضله، والنجاح في الانتخابات في أوجه.
يصلح الحلم ما لم يصلحه الغضب، والابن دائما يساس بالرفق، فالرفق ما كان فى شئء إلا زانه ، وما نزع من شيء إلا شانه.
يقال إن باب العلم في الأمة، الرجل الذي تقاصرت عنه أعناق الصحابة رضي الله عنهم ، يوم فتح مكة، عندما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لأعطين الراية غدا رجل يحبه الله، ويحبه رسوله.
علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، حاصره الخوارج، وتحاموا حوله، وهو بمسجد الكوفة، يهتفون ببدعتهم : حكمت الرجال ، لا حكم إلا لله؟
فنصحه قادة الدولة من حوله ، أن يستعمل فيهم الجبر ويمنعهم المساجد؟
فقام أمير المؤمنين ، خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،علي كرم الله وجهه، وقال في خطبة تاريخية محفوظة ، على منبره مسجد الكوفة : كلا، كلا، كلا.. لهم من ثلاث : أن لا نمنعهم مساجد الله أن يذكروا فيها اسم الله ما داموا يتوجهون معنا إلى القبلة ، و أن لا نمنعهم الفيء مادامت أيديهم تقاتل معنا العدو، وأن لا نرفع عليهم سيفا ما لم يسفكوا دما حراما.
تلك ثلاث بثلاث.. ا لحريات ،والمساجد ، والفيء ، وان اختلفنا، ما لم يخالفوا القبلة، أو يتخلفوا عن قتال العدو، أو يسفكوا دما حراما لمعاهد أو لمسلم.
حفظ الله موريتانيا، وأبقى لها نهج السلم و العلم والحلم.

بقلم: محمد الشيخ ولد سيد محمد/ أستاذ وكاتب صحفي

 

 

 

 

 

 

 

 

اعلانات