مهرجان أبي تلميت الثقافي من عمومية التسمية إلى خصوصية المشاركة

30 مارس, 2019 - 18:20

مهرجان أبي تلميت الثقافي من عمومية التسمية إلى خصوصية المشاركة

رسالة مستعجلة إلى القيمين

نقترب هذه الأيام من انطلاقة النسخة الثانية لمهرجان أبي تلميت الثقافي مع تحفظنا على التسمية، وهذه مناسبة لتناول هذا المهرجان بالنقد وهو ما يزال في بداية مساره حتى يتسنى للقائمين عليه ـ إن هم أرادوا له المحافظة على معنى هذه التسمية ـ أن يصححوا وجهته ويبعدوه عن التموقع والتحيز.

أقول هذا بعد أن تابعت النسخة الأولى لهذا المهرجان فكان تمثيل أغلب ساكنة المدينة من القرى المحيطة بها خاصة على جهة الشرق ضئيلا لدرجة كبيرة يمكن أن تعكسها بوضوح الإحصائية التالية:

- عدد المشاركين في الندوات والمحاضرات 16 شخصا ما بين محاضر ومعقب.

- عدد الضيوف من خارج فضاء المدينة 3.

- عدد المشاركين من المجموعات والقرى الواقعة شرق أبي تلميت 1.

- عدد المشاركين من مدينة أبي تلميت والقرى المتاخمة لها غربا 12 شخصا.

ولأنني لا أريد أن أركز كثيرا بخصوص المشاركة والتغييب على المجموعات القبلية والانتماءات العشائرية فلن أقوم بالتصنيف على ذلك المستوى مع أن فيه الكثير مما يقال، لكنني وانسجاما مع عنواني السالف سأقول إن المهرجان اتجه من عمومية التسمية (مهرجان أبي تلميت الثقافي) ــ بما يحيل إليه هذا العنوان من شمول للمجموعات السكانية والتجمعات السكنية ــ اتجه من هذه العمومية إلى خصوصية في المشاركة حصرت المشاركين فيه إلى أقل من عشر هذا العنوان كمًّا وكيفا، والذي أكَّد على القصدية ورجَّح فرضيتها بعد أن كانت مجرد احتمال في النسخة الأولى، هو تكرار التغييب في هذه النسخة، بل وتكرار الأشخاص المشاركين أنفسهم وكأنه ليس في المدينة ممن يصلح لإلقاء محاضرةٍ أو تقديم عرضٍ غير هؤلاء، وحتى لا يكون هذا مجرد كلام عائم فسأقوم بالمقاربة الإحصائية التالية :

- عدد المشاركين في النسخة الثانية 11 ما بين محاضر ومدير ندوة ومعقب.

- عدد الضيوف من خارج فضاء المدينة 1 وربما 2 على احتمال انتماء أحد المشاركين لمدينة الركيز.

- عدد المشاركين من المجموعات والقرى الواقعة شرق مدينة أبي تلميت 0.

- عدد المشاركين من المدينة والقرى المتاخمة لها غربا 10 أشخاص.

- عدد المشاركين في هذه النسخة من الذين شاركوا في النسخة الماضية 5 أشخاص أي نسبة خمسين بالمائة، وستزيد هذه النسبة إن حذفنا السيدتين اللتين شاركتا في هذه النسخة على اعتبار أن النسخة الأولى لم تشارك فيها نسوة على مستوى الندوات والمحاضرات، وللتذكير فالسيدتان تنتميان لنفس الفضاء الجغرافي الذي هيمن على نسختي المهرجان.

الذي أريد أن أقول هنا بشكل صريح إن المهرجانات الثقافية في المدن تقليد جديد وحميد يهدف إلى التعريف بثقافات المدن واكتشاف الإمكانات المعرفية والثقافية فيها وتبادل المعارف والخبرات بين أبنائها، وكل هذه المقاصد النبيلة تغيب حين لا تنطلق هذه المهرجانات من منطلق إشراك الجميع، وحين تكرس ثقافة هيمنة الجزء، فهذا المنطق مع كونه منطق إقصاء غير محمود فهو أيضا يفقد هذه المهرجانات مسحتها الإيجابية ويضفي عليها طابعا سلبيا غير محبوب.

دعوني أضيف أن الإقصاء الذي تحدثتُ عنه ليس على مستوى المشاركة والإسهام فقط، وإنما على مستوى التناول أيضا، ذلك أن النسخة الأولى من هذا المهرجان خصصت ندواتها ومحاضراتها لمواضيع عامة (نشأة أبي تلميت، المعهد، المقاومة، أدب المنطقة)، وحين بدأ التخصيصُ وتناولُ الأشخاص، جاء التغييب، فتم انتقاء أشخاص ينتمون تقريبا لنفس الفضاء الذي أراد المهرجان تكريس سيطرته الثقافية، ولن أقول أبدا إن الشخصيات التي خُصِّصت لها ندواتُ هذه النسخة لا تستحق التناول، ولا أن من ضمنها حتى من لا يستأهله، فالواقع عكس ذلك، فكل واحد من هذه الشخصيات يستحق إرثُه الأدبي والثقافي من التناول والتداول ما لم يحصل بعد على معشاره، لكن ذلك لا يعني بتاتا أن يتم تناول شخص واحد في أكثر من محور في المحاضرات والندوات في حين تغيب شخصيات أخرى ذات حضور علمي وشعري ومعرفي مشهود، لقد خصصت ندوات ومحاضرات هذه النسخة لثلاث شخصيات هي :

- الشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيديا: ثلاث محاور.

- محمد الأمين ولد الشيخ المعلوم: محوران.

- ابن حنبل: محوران.

ألم يكن بالإمكان بدل تكرار الشخص الواحد تناول عدة أشخاص!! لا تقولوا إن هذا من أجل تسليط الضوء أكثر على هذه الشخصيات فأنا أعرف ذلك، وأعرف أيضا أن اختيار الشخصيات التي ستتناولها يدخل في ذلك المعنى وينحو ذلك النحو.

على العموم لا أشكك أبدا في الإمكانات المعرفية والثقافية للجنة الإشراف على المهرجان، لكنني محتاج لأن أجد تبريرات لهذه الإشكالات، ولعلي لست وحدي من يطرحها .

ملاحظة: عزفت عن ذكر تسميات المشاركين ومجموعاتهم عن قصد مع أنه عميق الصلة بالموضوع.

 

وفقتم

بقلم: محمد أحيد سيدي محمد - كاتب وشاعر

 

 

 

 

 

 

اعلانات